<
15 December 2022
باسيل بين الحلفاء والخصوم
بقلم ليليان راضي - انتظر الاخصام قبل الحلفاء اللقاء التلفزيوني لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الاحد الماضي متأملين منه ان يعلن فك ارتباطه مع حزب الله وبالتالي اعلان طلاق اتفاق مار مخايل الذي صمد سنوات طوال لم يتوقعها المراقبون والممتعضين منه.
 
وكالعادة فاجأ جبران الحلفاء والخصوم على حدّ سواء اعلان احترامه لهذا التفاهم ولو اعتبره على المحك وبالتالي تقديره الكبير لشخص امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي يمثّل قيمة معنوية وفكرية له.
 
وكما هو متوقّع، وبعد كل اطلالة لباسيل ان يبدأ سيل التحليلات والمعلومات يتدفق من كل حدبٍ وصوب و" على خيرة الله" خصوصاً لجهة 
فتح شهيّة البعض على التخيّل والاسترسال اللامتناهي.
 
الا ان المستغرب في الامر ان اخصام باسيل في السياسة، والذين هم في حكم المؤكد اخصام حزب الله عند اي ملامح لسوء تفاهم بين التيار والحزب يصطفّون في صفِّ الأخير منتقدين بعنف مواقف باسيل وتمردّه وانه يشكّل عبئاً ثقيلاً على الحزب يعجز على تحملّه بسبب مطالبه الكثيرة وحقوقاً سائبة يسعى لاسترجاعها.
 
هؤلاء انفسهم من يدّعون محاربة سياسة ايران في الداخل المتمثّلة بحزب الله وسيطرته على مقدّرات الدولة ومؤسساتها. 
 
وهؤلاء ايضاً من ينتقدون بشدّة سلاحه غير الشرعي سيّما بعد تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي العام ٢٠٠٠. وهم انفسهم يصوّبون على باسيل لدعمه المقاومة من خلال توفير  الغطاء المسيحي له.
 
 توّهم خصوم باسيل ان يفترق عن الحزب مع وجود شرخٍّ كبير بينهما بسبب اجتماع حكومة تصريف الاعمال يعزّزه سوء التفاهم الجدّي حول موضوع الاستحقاق الرئاسي، فلم "ينطبق حساب الحقل على حساب البيدر"ونغّص باسيل عليهم فرحة النصر يتفرّجون على التيار والحزب وهما ينشطران. 
من يتابع مسيرة جبران باسيل وديناميكيته وعناده يلاحظ ان الرجل وان بدا انفعالياً الاّ انه وحتى في عزّ غضبه يفتح الباب للحوار وتاركاً "للصلح مطرح".
شخصية باسيل المميّزة والجدلية قادرة على تدوير الزوايا ولو بدا فجاً بعد الأحيان دون ان يتخلى عن مبادئه التي تنبع من قناعاتٍ راسخة في داخله. 
 
صلابة باسيل تجاه خصومه يستمدّها من تمثيلٍ اولته لتياره شريحة كبيرة من الشعب، فمن اراد ان يليّن من طباع الرجل عليه العمل على انتزاع تأييد مناصريه له وهذا ليس بالأمر السهل. خصوصاً وان اعدادهم تزداد عن قناعة وليس عن غريزة وهذا ما شهدته ثورة ١٧ تشرين الى يومنا هذا. 
جبران باسيل برهن انه ليس عابراً سبيلاً في السياسة او هاوياً خفيفاً فيها بل هو متمرساً و"محنكاً" وفي الوقت نفسه ثابتٌ في قناعاته وخياراته ومن الصعب عليه ان ينسحب من علاقة او اتفاق كرّس اطمئناناً اجتماعياً وسياسياً طمح مع الرئيس عون منذ البداية ان يُعَمّم على جميع الاطراف. 
مع الخبرة السياسية الطويلة والحرب الضروس عليه، تعلّم باسيل ان يوازن بين مقتضيات هذا الاتفاق وبين مصلحة التيار وعلاقاته مع باقي الاطراف كي لا يُستنزف هو وتياره من قبل ايٍ كان خصوصاً بعد الاثمان الكثيرة التي دفعها وحيداً والعهد ذات ثورة من تشرين. 
 
على باسيل بعد التجارب التي اختبرها ان يجعل من نفسه شخصية توافقية عوضَ ان يبحث في كلّ مرة عن آخر لأنه يتمتّع بصفات تؤهلّه لعب هذا الدور مستقبلاً سيّما وانه يتحلّى بثقافة وقدرة على التواصل اذا لجم غضبه قليلاً وعرفَ "ان لا يكون ملكاً اكثر من الملك" لأن جبران لا يمثّل نفسه في السياسة فحسب انمّا هو رئيس لتيار كبير عليه ان يحافظ عليه ويحصّنه من اي اهتزاز او عقوبات خصوصاً وان جلجلة التيار ورئيسه وجمهوره لم تنتهي بعد.