كتب المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في افتتاحية مجلة "الامن العام" ما يلي:
ما عاد الامل يكفي لمعالجة الازمات اللبنانية التي تتحول شيئا فشيئا الى أزمات بنيوية، وهي ليست من نوع تقني قادر هذا الخبير أو ذاك الاستشاري على معالجتها. صار اللبنانيون يعرفون نوع هذه الازمات. منذ العام 2019 حتى يومنا هذا لم تبق وسيلة اعلامية الا اضاءت بالتمحيص والتدقيق على كل مشكلة. يسجل للاعلام انه قام بواجباته على أكمل وجه، وإن وقعت بعض المغالطات حينها.
ان تصير الازمات التي نعانيها بنيوية وعصية على الحل، فهذا يحيل الامور وببساطة نحو تعقيدات خطرة تطاول النظام السياسي واداءه. وهذا ان حصل، وبعضه يحصل، فهو لا يبشر بالخير على الاطالق. ذلك ان غياب القدرة السياسية ومعها الارادة الاقتصادية وعجزهما عن المعالجة تكون نتيجتهنا ما نحن عليه.
هذه المعادلة كانت النقيصة اللصيقة بمعنى لبنان ودوره وحتى وجوده كدولة. فلم يسبق ان شهد بلد ما هذا النوع وهذا الكم من التدخلات الخارجية منذ الاستقلال وحتى اليوم. وان خطورة الخروج على الدستور تحت اي مسميات أو ضرورات، وفي ظل الظروف الراهنة، تعني دفع لبنان نحو المجهول الذي لا يمكن لأحد التنبؤ به، لا في الأمن ولا في السياسة. قد نعرف من أين سنبدأ لكن لا احد على الاطلاق يعرف كيف نخرج؟
ما في صدده لبنان في المستقبل القريب هو كتلة أزمات بنيوية وملفات داهمة، تحتاج الى وعي وطني صادق يعمل بالعقل وليس بالغريزة السياسية الساعية الى التكسب، للخروج من الوضع الراهن. والاسئلة المطروحة على لبنان واللبنانيين تستلزم أجوبة في السياسة الصافية وليس في التقنيات والنظريات. بمعنى ان العمل يجب ان يرتكز على كيفية استعادة الثقة بين الأفرقاء لاعادة بناء لبنان على اسس تحدد دور الدولة ووظيفتها بعدما خسرنا كل شيء، ولم يبق الا البعض اليسير جدا من القطاعات المتينة التي قد يعوّل عليها او تتمتع بالثقة والصدقية.