<
28 November 2022
خاص- مفاوضات فيينا تنتقل الى مونديال قطر يوم الثلاثاء ولبنان سيحضُر

لارا الهاشم- مِن حُسن حظِّ اللبنانيين أن في عزِّ أزمتهم المالية والاقتصادية حَلّ مونديال ال 2022 ليُنسيهم مشاكِلَهم ويَخطُفَهم إلى عالمهم الرياضي بعيداً عن "الهَمّ والغمّ".

ملاعبُ الدوحة التي تستضيف كأس العالم كانت كفيلة بتوحيد اللبنانيين حول لعبةِ كرة القدم على الرُّغم من كلّ اختلافاتهم وخلافاتهم وأفضل نموذجٍ على ذلك هي أجواء طرابلس في وقت المونديال. فالمدينة التي كانت تشهد خضّاتٍ أمنية بشكلٍ شبه يومي لم تسمع بضربةِ كفٍّ منذ يوم الأحد الماضي أي تاريخ بدء المونديال.

يُخبرُك أحدُ أبنائها أنَّ أولاد المدينة وجيرانهم يتجالسون ليليّاً في المقاهي كتفاً إلى كتف متناسين كلَّ مشاكلهم وتبايناتِهم السياسيّة لمتابعة المباراة وتشجيع هذا الفريق أو ذاك، بعد أن توفّرت المشاهدة عبر "بي إن" بأسعار مقبولة للمقاهي الشعبية.

لكن وعلى عكس الروح الرياضية السائدة، لم تخلُ أجواء كأس العالم من الطابع السياسي أحياناً وأبرز تجلّياته سيصادف يوم الثلاثاء المقبل في المباراة التي ستجمع أميركا وإيران في مباراة واحدة. فعلى ما يبدو أن العداء السياسي بين البلدين سينسحب على آداء المنتخَبَين ومشجّعيهم وباكورته كانت الرسالة التي بعثها المنتخب الأميركي ضد الحكومة الإيرانية عشية المباراة. ففي خطوة لها رمزيّتها عرض حسابُ المنتخب الأميركي على تويتر العلم الإيراني لكن من دون شعار "الجمهورية الإسلامية" وهذا الأمر لن يبقى من دون أي انعكاسٍ على جماهير الفريقين لاسيما في لبنان الذي يشهد انقساماً عاموديّاً بين من "يقدّس" النظام في إيران من جهة ومن يعتبره أصل البلاء في لبنان من جهة ثانية وبين من يعتبر أن أميركا هي "الشيطان الأكبر".

في الجنوب ما من علم سيعلو العلم الإيراني يوم الثلاثاء المقبل تزامناً مع المباراة. إذ يخبرك الزميل حيدر حاويلا وهو لاعبٌ سابقُ في منتخب لبنان لكرة القدم وكابتن سابق لفريق التضامن أنّ فوز إيران على أميركا هو بمثابة فوزها بكأس العالم بالنسبة لأبناء الجنوب، لاسيما لسكان القرى الواقعة تحت نفوذ حزب الله وعلى الشريط الحدودي. فهذا الفوز وإن تمَّ فسيكون بمثابة عملٍ مقاومٍ بالنسبة لهذه الشريحة.

لعبة المحاور الرياضية ستجدُ ملعباً لها أيضاً في طرابلس.

فباستثناء قلّة قليلة تقول لك أن إيران تبقى أفضل من أميركا لأن "اليهود خاربين الدني ومش تاركين ولا دولة عربيّة"، يقف في عاصمة الشمال جمهورٌ أميركي واسعٌ لا حبّاً بأميركا وإنّما بغضاً منه لإيران. يقول فراس إبن طرابلس ل tayyar.org ممازحاً أن الطرابلسيين فرحين لأنها المرة الأولى التي يلعب فيها البلدان خارج لبنان، أما أحمد المشجّع البرازيلي الشرس فيخبرُك أنه سيكسرُ القاعدة يوم الثلاثاء المقبل بتشجيعه لأميركا "لأن نفسيّاً أحسن شجّع أميركا" وليس لأي سببٍ رياضي.

يضيف شابٌ آخر طرابلسي إسمه محمد أكثر من ذلك إذ يخبرُك أن أي مباراة يشارك فيها منتخب إيران تتخذ طابعاً سياسيّا في طرابلس بحيث يكون الجو العام مع المنتخب المواجه لإيران حتى قبل معرفة هويّته.

إذاً لن تشبه مباراة "أميركا-إيران" سابقاتها ليس فقط لأن الرّابح سيتأهل للدوري الثاني لكن أيضاً لأنّ الجماهير اللبنانية ستفرغ كلّ الشحن الموجود في داخلها في الساحات الرياضية. فهل تعيد إيران الكرّة وتفوز على أميركا كما حصل عندما تواجها في كأس العالم 1998 الذي انتهى بنتيجة 2-1؟ أم أن أميركا ستسجّل أهدافاً في مرمى إيران من الأراضي العربية؟