يتفهّم النائب جميل السيد نظرة الشباب السلبية إلى خدمة العلم، ويربطها بالوضع الاقتصادي الخانق. بشكل عام، هو يشجّع عليها و«عندما كنت في الأمن العام أرسلت ابني مالك إلى الخدمة». لكنه يشبّه طرح قانون عودتها اليوم بـ«الجريمة» في ظلّ الظروف القاهرة التي تمرّ بها البلاد. يشرح: «على أيام دولار الـ1500ليرة، كان المجنّد يأخذ شهرياً نحو 300 ألف تكفيه بشكل ما، أما اليوم فلن يتجاوز بدل خدمته المليون ليرة، ما لا يكفيه لتأمين احتياجاته الخاصة، قبل أن نفكر إن كانت الخدمة ستحرمه من عمل يعيل من خلاله أسرته».
ويشدّد السيد على اختلاف النظرة لخدمة العلم باختلاف الغاية من عودتها. «إن كان الهدف وطنياً فهي ضرورية، أما إذا كانت الغاية مادية، مع عدم القدرة على التطويع في ظلّ موازنة محدودة، فلا يجوز أن نعوّض النقص في صفوف العسكر من خلال تجنيد الشباب إجبارياً ومنحهم راتباً رمزياً لقاءه كأعمال السخرة». ويفسّر كيف توفّر المؤسسة نفقات عندما تجنّد بدلاً من أن تطوّع في الخدمة الفعلية: «يكلّف تجنيد شاب على مدار سنة كاملة ما يكلّفه تطويعه في شهر. فالمجنّدون لا يحصلون على راتب شهري وتعويضات وضمان... بل فقط تتحمّل المؤسسة مصاريفهم الأساسية من غذاء وبدلتين عسكريتين وبدل نقل وسلاح يعيدونه عند انتهاء الخدمة».
بعيداً من الغاية من عودة خدمة العلم الإلزامية ومن رأي الشباب تجاهها، هل عودتها ممكنة إذا طرحت في المجلس النيابي؟ «بالمبدأ نعم، فالمشروع جاهز ويمكن تفعيله مجدداً، وإمكانات الجيش تسمح باستيعاب كلفتها على المدى البعيد، سيكون الأمر مكلفاً في أول سنتين فقط، لكنّ المناخ العام غير مشجّع، فمن يفكر بها في البلد اليوم؟»، لافتاً إلى أن الأسباب السياسية التي أدّت إلى إلغاء خدمة العلم هي ذاتها التي تقف في طريق عودتها مجدداً.
يشرح صراحة: «إذا أغمضت عينيّ ونظرت إلى المجلس النيابيّ، أجد إجماعاً على رفض القانون، لأسباب اقتصادية من جهة، وأخرى ترتبط بالتنوّع الاجتماعي والثقافي من جهة ثانية». برأيه، الخطاب الشعبوي والطائفي والمناطقي يتحدّث عن شباب يدخلون الجامعة وآخرون لا يفعلون سيذهبون إلى الخدمة. عدا عن أن عدم التجانس الثقافي بين البنيات الاجتماعية سيظهر فروقات في الرؤى بين النواب في المجلس.