الديار: كمال ذبيان-
تكللت المساعي التي بذلتها القيادة السورية برئاسة الرئيس بشار الاسد، باعادة الوحدة الى حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان، الذي اصابه الانقسام منذ نحو عشر سنوات واكثر، وجرت محاولات عدة لاعادة لم الشمل وانهاء التشرذم، قام بها السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، مكلفاً من الرئيس الاسد، ومن قيادة حزب البعث في سوريا، حيث تابع مع الامين العام المساعد للحزب هلال هلال، اللقاءات والاجتماعات التي تضع الآليات المناسبة، لعودة البعث في لبنان حزباً واحداً، حيث نجحت المحاولة اخيراً وبدعم مباشر من الرئيس السوري الذي طلب حفظ وجود كل البعثيين واستيعابهم في اطار مؤتمر واحد لا يغيب عنه اي طرف.
وبعد اللقاءات والاتصالات التي قام بها السفير السوري في لبنان، تمكن من التوصل الى اتفاق على عقد مؤتمر موحد في 13 و 14 تشرين الثاني الحالي في مجمع الصحارى قرب دمشق، حيث حضر المؤتمر الامين القطري لحزب البعث في لبنان عاصم قانصوه، الذي استقبله الرئيس الاسد لاكثر من ساعة بحضور هلال والسفير علي، وجرى التوافق على السير بالمؤتمر ونجاحه، حيث عوّل الرئيس السوري على دور لقانصوه، احد القادة التاريخيين في الحزب، وفق ما نقلت مصادر شاركت في المؤتمر الذي ترأسه قانصوه، وكان الى جانبه هلال والسفير علي وياسر الشوفي (قيادي في حزب البعث في سوريا) واميني سر واصف شرارة ورلى سمراني.
وتغيب عن المؤتمر الامين القطري لحزب البعث في لبنان نعمان شلق، الذي سجل اعتراضا على عقده، ووجه رسالة الى الرئيس السوري، شكى فيها من تدخل السفير السوري في لبنان، بما لا يخدم الحزب. وبانه جهّز قيادة ستكون مرتهنة له، كما قال شلق في رسالته، لكنه لم يقو على ارجاء المؤتمر، فلم يحضره وتضامن معه اعضاء من القيادة القطرية، فيما حضر آخرون، تقول المصادر التي تشير الى ان القرار اتخذ من الرئيس الاسد بتوحيد البعث في لبنان، والذي تزامن انقسامه مع بدء الازمة في سوريا، التي بدأت تتراجع، وقد فرغ الرئيس السوري على الا يبقى حزب البعث منقسماً، وهو التوجه نفسه بالنسبة للحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي يعطيه الرئيس الاسد، اهتماماً لاعادة جمع صفوفه، حيث جرت مساع من القيادة السورية والسفير السوري في لبنان، لعقد مؤتمر موحد للحزب واجراء انتخابات، لكن المحاولات تعثرت.
وفي مؤتمر البعث الذي دام ليوم واحد، (السبت الماضي)، فان قيادة قطرية جديدة نتجت عنه، وبالتوافق دون اجراء انتخابات، اذ جرت تسمية الاعلامي الزميل علي حجازي اميناً قطرياً للحزب، وقد خرجت بعض الاصوات معترضة في المؤتمر على الاسلوب، الا ان قراراً بتوحيد الحزب اتخذ وعلى الجميع الالتزام به، وهكذا اصبح للبعث قيادة جديدة، التي عاد بها البعثيون الذين شاركوا في المؤتمر وبلغ عددهم حوالى 200 عضو.
وجرت عملية تسليم وتسلم بين القيادة الجديدة برئاسة حجازي، والقيادة السابقة برئاسة شلق الذي كلف عضو القيادة فادي العلي بعملية التسليم في المركز الرئيسي للحزب في منطقة رأس النبع في بيروت.
ومع تعيين قيادة قطرية جديدة، بات حزب البعث واحداً وانهى انقساماً داخله دام سنوات، وتولى قانصوه امانة اللجنة المركزية للحزب وهي تضم 51 عضواً ومن ضمنها القيادة القطرية الحالية، وهي اللجنة المماثلة لحزب البعث في سوريا ويرأسها الاسد، حيث يكشف المحامي توفيق الضيقة عضو اللجنة المركزية لـ «الديار»، بان صلاحياتها تركز على مراقبة ومحاسبة القيادة القطرية، ويقع عليها انتخاب قيادة جديدة من بين اعضائها عند عدم انعقاد المؤتمر، لتصبح اللجنة المركزية هي المؤتمر استثنائياً، وقد عُمل بهذه الصيغة في سوريا، بان تحولت اللجنة الى مؤتمر استثنائي.
ويعتبر الضيقة، بان ما حصل لا يخرج ابداً عن الدعوة التي كان يطلقها الرفيق عاصم قانصوه، لتوحيد الحزب وتم التجاوب مع هذه الخطوة، التي نعتبرها تقع في رحلة الالف ميل، لاعادة تفعيل عمل حزب البعث، واستعادة دوره ونضاله، وقد ارتأينا بان ما حصل، يؤسس لخطوات اخرى، لا سيما وان الرئيس الاسد هو من رعى شخصياً هذه الوحدة التي كنا ننتظرها، ونعوّل على القيادة الجديدة ان تقوم بمهامها، وان اللجنة المركزية المنوط بها المراقبة والمحاسبة، وعلى رأسها قانصوه، لن تتأخر في القيام بصلاحياتها.
وهكذا انهى حزب البعث في لبنان عقداً من الانقسام، ودخل مرحلة وحدته، بحيث يبقى على القيادة الجديدة برئاسة حجازي، ان تؤكد حضورها، وتفعل دور الحزب، الذي حكم في دولتين هما العراق والشام، ووصل الى مجلس النواب في لبنان، وشارك في الحكومات.
فما هو مشروعه السياسي، واين هو الحاضن الشعبي له؟