<
15 September 2021
تطبيق القوانين لتحفيز عودة النازحين
نقولا الشدراوي - ثلاثة أهداف وضعتها "اللجنة المركزية لعودة النازحين " في التيار الوطني الحر من أجل استكمال مسيرة العودة التي بدأت فعلياً في تموز 2018 , وعاد بنتيجتها حتى آذار 2020 ( حين أقفلت الحدود بسبب جائحة كورونا ) ما يقارب ال 400000 من الأخوة النازحين إلى وطنهم الأم في سوريا .
 
فبعد قرار مجلس الدفاع الأعلى بالضبط الصارم لعمليات تهريب الأشخاص عبر الحدود اللبنانية السورية بعد 24 نيسان 2019 تحت طائلة الترحيل عبر الأمن العام ، بدأت عملية العودة تعطي مفعولها الفعلي والمستدام بعد أن كانت تصب في سلة مثقوبة بسبب الدخول خلسةً إلى لبنان .
إضافةً إلى العمليات المنظمة لعصابات تهريب الأشخاص عبر المعابر غير الشرعية ، توجد أساليب فردية إذ يخرج الشخص المهرَّب من سوريا بشكل نظامي عبر الحدود السورية ( الأمن العام السوري ) ويدخل إلى لبنان بشكل غير نظامي دون تسجيل دخوله الى الأراضي اللبنانية في مراكز الأمن العام اللبناني على الحدود ، الأمر الذي يوجب التنسيق وتبادل لوائح الخارجين من سوريا والداخلين إلى لبنان يومياً بين الجهازين المتقابلين على طرفي الحدود .
 
إنما العودة الفعلية والمستدامة تتطلب عمليّاً تحقيق ثلاثة أهداف هي :
١- تسجيل الولادات
٢- إقفال المحلات
٣- عودة العائلات
وذلك بغض النظر عن الحل السياسي في سوريا وبالرغم من عدم تعاون المؤسسات الدولية وغير الحكومية NGOs في تسهيل وتمويل العودة ، لأن عملها الحالي يقتصر على إعاقة العودة وتمويل استدامة النزوح عبر دعم المسجلين وغير المسجلين لدى UNHCR وعبر دمج النازحين في المجتمع المضيف بتشجيع الزواج المختلط وتعليم المهن والحرف وإقامة بنى تحتية مستدامة للمخيمات والتجمعات واشتراط تشغيل النازحين في المشاريع العامة كشرط لتمويلها ...
 
أولاً : بالنسبة لتسجيل الولادات ، فقد قام مجلس الوزراء في صيف 2019 بتكليف وزارة الداخلية إلزام المخاتير و المستشفيات وكذلك المفوضية العليا لشؤون اللاجئين UNHCR ، ضرورة إبلاغ الوزارة عن كلّ مولود سوري جديد لتسجيل ولادته ومنحه أوراقًا ثبوتيّة، على أن تتولّى وزارة الخارجية والمغتربين إبلاغ السلطات السورية بهذه الولادات".
 
كذلك نصّ قرار مجلس الوزراء على "إحصاء جميع الولادات السورية مع مفعول رجعي بدءًا بالعام 2011"،
 
ثانياً : بالنسبة لإقفال المحلات
 
قدرت الحكومة اللبنانية عام 2018 عدد النازحين السوريين بمليون ونصف إلى مليونَي نازح ، من بينهم أقل من 900,000 مسجلين لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وأكثر من 300,000 من غير المسجلين يتلقون مساعدات متقطعة بناءً على رقم أعطي لهم ( بعد أن منعت الحكومة اللبنانية تسجيل المزيد من النازحين لدى المفوضية بعد 5 أيار 2015 ) .
 
بكلام أوضح إن عدد النازحين السوريين في لبنان يساوي ثلث عدد المواطنين اللبنانيين ، حيث ينافسونهم على العمل في مختلف القطاعات ولم تعد تقتصر اعمالهم فقط على الأعمال الزراعية والبناء والنظافة ، بل إنتقلوا بأسواقهم ومؤسساتهم وأسمائها التجارية الى لبنان، وفتحوا آلاف المحال غير الشرعية .
 
لذا ، وبعد أن كان الجهد مقتصراً على مديرية الأمن العام منذ آب 2018 في إقفال المحلات المخالفة وفقاً لإشارة القضاء ، انضمّ إليها في 2019 كلّ من وزارة الاقتصاد ووزارة العمل .
 
فقد بدأت وزارة الإقتصاد في أيار 2019 بمؤازرة أمن الدولة بحملة لإقفال المحلات التجارية غير الشرعية التي يملكها أجانب ، بعد إشارة القضاء المختص .
 
وفي حزيران 2019 أطلقت وزارة العمل خطة لمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية
 
وذلك بعد منح مهلة شهر للمخالفين لتسوية أوضاعهم انتهت في 10 تموز 2019، وذلك عبر تفعيل جهاز التفتيش في الوزارة، وتحرير محاضر ضبط بحق صاحب العمل المخالف بقيمة أقصاها مليونين وخمسمئة ألف ليرة لبنانية،
 
( تم رفعها في قانون موازنة 2019 إلى خمسة ملايين ليرة لبنانية )
هذا على الرغم من وجود تسهيلات عدة للعمال السوريين منها:
 
إعفاء العامل السوري من 75% من قيمة رسم إجازة العمل،
 
إعفاء صاحب العمل من تقديم كفالة مصرفية قيمتها مليون وخمسمئة ألف ليرة لبنانية كما هو مطلوب من سائر العمال الأجانب.
 
إعفاء صاحب العمل من طلب الموافقة المبدئية والمسبقة كما هو مفروض على سائر العمال الأجانب".
 
مع العلم أن الأشخاص المسجلين لدى UNHCR ويستفيدون من تقديمات ومساعدات المنظمات الدولية، يجدر أن تُحجب عنهم إجازات العمل لكونهم يشكلون منافسة غير مشروعة.
 
يُشار هنا إلى أن بعض النيابات العامة الإستئنافية للأسف كانت تسمح بفضّ الشمع الأحمر عن المحال التي يتم إقفالها من دون إبراز صاحب المحل غير اللبناني إقامة صالحة وإجازة عمل تثبت تسوية وضعه فعلياً ، وتكتفي بضم تعهّد من اللبناني على أنه صاحب المحل وسيقوم بتسوية أوضاع وإقامات غير اللبنانيين الذين يديرون المحل تحت حجة أنهم عمال لديه .
 
ثالثاً : عودة العائلات
 
أما في موضوع عودة العائلات النازحة ، فلا يزال الأمر يتطلب جهداً وطنياً جامعاً :
 
١- على المستوى الحكومي :
 
بعد طول انتظار ، أقرّت الحكومة في تموز 2020 "ورقة السياسة العامة لعودة النازحين السوريين" وبدأت دوائر القصر الجمهوري بالتحضير لمؤتمر شامل يدعى إليه سفراء الدول المانحة والمنظمات الدولية المعنية ، إلا أن تصاعد الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا في لبنان فرضَ تأجيل المؤتمر ، إلى أن حصل انفجار مرفأ بيروت في ٤ آب وتلاه استقالة حكومة حسان دياب .
في نيسان 2021 ، وبعد إعادة فتح البلد ، دعا وزير الشؤون الاجتماعية الى إجتماع وزاري وأمني موسع إنتهى الى تكليف وزارة الداخلية والبلديات بوضع آلية تنفيذية لخطة عودة النازحين ، قوامها مسح شامل تنفذه وزارة الشؤون الإجتماعية بالتنسيق مع الامن العام و قوى الأمن الداخلي والبلديات لجميع النازحين المنتشرين على 1611 منطقة عقارية لبنانية. هدف هذا المسح هو إحصاء النازحين السوريين في لبنان بعدد نهائي خصوصاً أن منظمة الـUNHCR تقدر أعدادهم في لبنان بـ876 ألف نازح، بينما تشير الأرقام الرسميّة لدى الدولة اللبنانية الى وجود ما يزيد عن مليون و600 ألف نازح في لبنان،
 
٢- على المستوى النيابي و البلدي:
 
باستطاعة كل نائب في منطقته وكل رئيس بلدية ، إذا تحمّل مسؤوليته تجاه مستقبل ناخبيه ، وأراد تقليص عبء النزوح عن كاهل بلدته المنهكة من استنزاف مواردها الطبيعية والمالية وبناها التحتية والفوقية ، أن يطبق القوانين ويردع المستفيدين ويسعى إلى تسوية وضع العمال السوريين مع أرباب عملهم وفق القانون ( إقامة وإجازة عمل ) في مقابل عودة عائلات هؤلاء العمال إلى سوريا ، لأن أغلبهم فعلياً هم مهاجرون إقتصاديون باحثون عن فرص عمل وليسوا لاجئين سياسيين أو هاربين من الحرب .
 
هكذا يعود الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب في سوريا ، حيث كان العمال السوريون يعملون في لبنان ، ويعودون في نهاية كل أسبوع أو شهر إلى عائلاتهم في سوريا .
 
حينذاك يعود الوضع إلى طبيعته ويكون الجميع رابحاً .
 
فلبنان بحاجة إلى الأشقاء السوريين في سوق العمل ، وسوريا بحاجة إلى شعبها ، لكي يستعيد وتستعيد هي الأمل .