<
15 September 2021
بوتين: القضية الرئيسة تنحصر في أن قوات مسلحة أجنبية توجد على الأراضي السورية

الوطن السورية: أنجزت قمة موسكو التي جمعت الرئيسين بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ما عليها من ملفات، معلنة إطلاق مرحلة جديدة من توسيع وتطوير التعاون المشترك في مختلف المجالات، والتي يأتي على رأس أولوياتها التعاون العسكري والاقتصادي.

 

القمة التي تزامنت مع مرور الذكرى السادسة لانطلاق العملية العسكرية المشتركة لمكافحة الإرهاب في سورية، والتي شكلت وقتها نقطة مفصلية في تاريخ علاقات البلدين، وتزامنت أيضاً مع تحرير منطقة درعا البلد وعدد من المدن استعداداً لإعلان الجنوب السوري محرراً بالكامل، وسبقت للقاء المرتقب بين مبعوثي الرئيسين الروسي والأميركي في جنيف اليوم وغداً، حملت مع ما صدر عن الرئيسين الأسد وبوتين، ما يكفي من عناوين تؤكد بأن موسكو مستمرة في تحالفها الإستراتيجي مع دمشق في استكمال معركتها المصيرية على الإرهاب وأدواته، وهي حاضرة بالقوة ذاتها لدعمها في معركتها لمواجهة الحصار وما رتبه من آثار يتحمل وزرها الشعب السوري.


أما الدلالات الأخرى لهذه القمة، قد أخذت طابعاً حميماً، عبّرت عنه تهنئة الرئيس بوتين للرئيس الأسد بعيد مولده الذي يصادف الحادي عشر من أيلول.


الرئيسان الأسد وبوتين عقدا إضافة للقمة الموسعة، جلسة مباحثات مُغلقة استمرت 90 دقيقة، وبعدها انضم إلى تلك الجلسة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لمدة 45 دقيقة إضافية، حيث أصبح زمن الاجتماع الثاني بين الرئيسين نحو الساعتين وربع الساعة، وذلك حسب مصادر مطلعة تحدثت لـ«الوطن» من العاصمة موسكو.


وحسب معلومات «الوطن» فقد تناولت الجلسة المُغلقة مختلف المسائل التي تخص الشأن السوري، وأهمها الوضع الميداني بعد تحرير أجزاء مهمة من مدينة درعا واستكمال بقية أجزائها لاحقاً، والتطلع نحو تحرير مدينة إدلب.


المصادر اعتبرت أن انضمام وزير الدفاع الروسي إلى جلسة المباحثات المُغلقة، يؤكد أن القيادة الروسية متمسكة إلى جانب دمشق في مسألة استكمال تحرير الأراضي، وأن القيادة الروسية تعتبر أن استكمال تحرير الأراضي هي قضية لا يمكن التراجع عنها، كما يؤكد أن الأولوية بالنسبة لموسكو هي للتحرير ولاسيما أن الرئيس الأسد في المقابل هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة.


وبالنسبة للتعاون الاقتصادي بين البلدين تؤكد مصادر «الوطن» بأنه كان حاضراً بقوة على جدول أعمال القمة، حيث بحث الرئيسان هذا التعاون بما يساهم في تعافي الاقتصاد السوري ويساعد الشعب السوري على تجاوز آثار الحصار المفروض عليه ويسرّع عملية عودة اللاجئين السوريين.
وناقش الجانبان التفاهمات التي توصلت لها اللجنة المشتركة السورية الروسية لاسيما في مجال توريد القمح الروسي إلى سورية، وإعادة تأهيل عدد من المحطات الكهربائية والعمل على إقامة مشاريع مائية، والتعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات.


القمة الروسية السورية التي تطرقت أيضاً لمسار أستانا ولجنة مناقشة تعديل الدستور، ركّزت بقوة إضافة للشق الاقتصادي، على تحرير باقي الأراضي السورية حيث لم تعد مسألة لجنة مناقشة الدستور تحمل أي أهمية بالنسبة للقيادة الروسية، خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية السورية، وما حملته من دلالات سياسية، عبّر عنها الرئيس الروسي للرئيس الأسد عندما هنأه بفوزه «المُستَحَق» في الانتخابات الرئاسية.


المصادر التي أشارت إلى الاتصالات الروسية الأميركية حول الوضع في سورية، ولاسيما أن لقاءً سيجمع مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك بنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فريشني والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف في جنيف اليوم وغداً، كشفت أن مسؤولين روس لمسوا نوعاً من التفهم الأميركي لما يجري في سورية، ونقلوا قلقاً أميركياً من الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، وسط تقديرات بأن الإدارة الأميركية بحثت مع موسكو الانسحاب الأميركي من سورية، علماً أن واشنطن كانت وقّعت مذكرة رسمية مع بغداد تقضي بانسحاب كامل قواتها منه بحلول نهاية عام ٢٠٢١، ما يعني استعداد القوات الأميركية للانسحاب أيضاً من سورية، والتفاوض مع الجانب الروسي على ترتيبات هذا الانسحاب قبل حصوله.


وفي مستهل القمة عبّر الرئيس الأسد عن سعادته بهذا اللقاء في موسكو، «وقد مضى على العملية المشتركة لمكافحة الإرهاب الآن نحو ست سنوات حقق خلالها الجيشان العربي السوري والروسي، إنجازات كبيرة ليس فقط من خلال تحرير الأراضي أو من خلال إعادة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم وإنما أيضاً من خلال حماية مواطنين أبرياء كثر في هذا العالم لأن الإرهاب لا يعرف حدوداً سياسية ولا يقف عند الحدود السياسية».


وأضاف الرئيس الأسد: «طبعاً بالإضافة إلى النتائج المهمة في تحرير الأراضي وتراجع الإرهابيين كان إطلاق العملية السياسية سواء في سوتشي أم في أستانا أم في جنيف مؤخراً، وقد مضى على هذه العملية الآن نحو سنتين تقريباً ولكن كما تعلمون هناك عوائق لأن هناك دولاً تدعم الإرهابيين وليس لها مصلحة في أن تستمر هذه العملية بالاتجاه الذي يحقق الاستقرار في سورية، وقامت بعض الدول بفرض حصار على الشعب السوري، حصار نصفه بأنه غير إنساني، غير أخلاقي وغير قانوني، مع ذلك نحن مصممون في سورية كحكومة وكمؤسسات دولة على السير بالتوازي في عملية تحرير الأراضي وفي عملية الحوار السياسي».


الرئيس الأسد اعتبر أن الزيارة فرصة مهمة للنقاش في هاتين النقطتين بالإضافة إلى العلاقات الثنائية التي سيتابعها فريقنا من المختصين في الحكومتين بالتوازي مع اجتماعنا هذا، وأضاف: «أريد أن أستغل هذا اللقاء لكي أوجّه الشكر للدولة الروسية وللشعب الروسي على المساعدات الإنسانية التي قدمت للشعب السوري، سواء فيما يتعلق بجائحة كورونا مؤخراً أم فيما يتعلق بتأمين كل المستلزمات الأساسية التي يتطلبها المواطن السوري في حياته اليومية، وأريد أن أتوجه بالشكر لكم وللمؤسسة السياسية الروسية وخاصة وزارة الخارجية للجهود التي قاموا بها في المحافل الدولية للدفاع عن القانون الدولي والذي ينص في بدايته على سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مستقبلها ومصيرها والتي تمكنت بفاعلية وبقوة من منع استثمار عملية مكافحة الإرهاب في العالم لأهداف سياسية تخدم أجندات بعض الدول».


من جانبه رحّب الرئيس بوتين بالرئيس الأسد مقدماً التهنئة له بالنتيجة الجيدة جداً للانتخابات الرئاسية، وقال: «هذه النتائج تدلّ على أن الناس يثقون بكم على الرغم من جميع صعوبات ومآسي السنوات السابقة وهم يربطون بكم عملية إعادة الإعمار وعودة الحياة الطبيعية»، وأضاف: «أعلم أنكم تعملون الكثير من أجل ذلك بما في ذلك إجراء حوار مع الخصوم السياسيين وآمل باستمرار هذه العملية»، لافتاً إلى أن تضافر جميع القوى في سورية يتيح للبلاد النهوض مجدداً والشروع بتطور مندفع والتقدم نحو الأمام.


بوتين الذي أشار إلى أنه بفضل الجهود المشتركة للبلدين تم تحرير معظم الأراضي السورية بعد تكبيد الإرهابيين خسائر كبيرة جداً وباتت الحكومة السورية تسيطر على 90 بالمئة من الأراضي، قال: «القضية الرئيسية تنحصر في أن قوات مسلحة أجنبية توجد على الأراضي السورية من دون موافقة الأمم المتحدة ومن دون إذن منكم وهذا يتناقض بوضوح مع القانون الدولي ولا يسمح لكم ببذل أقصى الجهود للسير على طريق إعادة إعمار البلاد بالوتائر التي كانت ممكنة في حال سيطرة الحكومة الشرعية على جميع الأراضي»، وأضاف: «للأسف لا تزال هناك بؤر للإرهابيين الذين لا يقتصرون على السيطرة على منطقة ما، بل يواصلون أيضاً إرهاب السكان المدنيين».


وأوضح بوتين أنه رغم ذلك يعود اللاجئون إلى المناطق المحررة بصورة نشطة، وقال: «رأيت عندما كنت في ضيافتكم بدعوة منكم، كيف يقوم الناس بفاعلية بإعادة إعمار منازلهم ويعملون بنشاط كي يعودوا إلى الحياة الطبيعية بالمعنى الكامل لهذه الكلمة، وإن جهودنا المشتركة تعود بنتيجة أيضاً».
وعبّــر بوتين عن أمله في أن تتم بالجهود المشتركة، مساعدة الشعب السوري للنهوض عبر المساعدة في إحياء الاقتصاد والوضع الاجتماعي ومجال الصحة بالدرجة الأولى.


وتوازياً مع القمة عقد اجتماع تتبع لأعمال اللجنة الحكومية السورية- الروسية المشتركة برئاسة وزير شؤون رئاسة الجمهورية- رئيس اللجنة عن الجانب السوري منصور عزام، ونائب رئيس مجلس الوزراء- رئيس اللجنة عن الجانب الروسي يوري بوريسوف.


وتم خلال الاجتماع إجراء تقييم عميق لصيغ ومشاريع التعاون الاقتصادي بين البلدين الصديقين وكذلك مناقشة عدد من الاتفاقات والمشاريع المشتركة في مجالات الزراعة والصناعة والطاقة والمياه وتكنولوجيا المعلومات إلى جانب الإجراءات المتخذة، بهدف تسهيل وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين مع التأكيد على الدور المحوري لقطاع الأعمال في البلدين في هذا المجال.


كما تناولت المحادثات واقع وآفاق توفير البيئة المناسبة لتشجيع الاستثمارات المشتركة في المشاريع التي تخلق قيماً مضافة تصب في مصلحة البلدين والشعبين الصديقين والتحضيرات الجارية لعقد الدورة الثالثة عشرة للجنة الحكومية المشتركة، حيث عبّـــر الجانبان عن ارتياحهما للجهود المبذولة في سياق تطوير العلاقات الاقتصادية.

الوطن السورية