<
07 May 2021
ماذا بعد "تطبيع" العلاقات السورية - السعودية؟

كتبت صفاء درويش في "السياسة":

كل المؤشرات تقول إن التسوية الدولية مع سوريا باتت منجزة، وإن البلاد دخلت فعليًا في مرحلة تقاسم الملفّات الإقليمية.

في دمشق، ما بعد الزيارة السعودية ليس كما قبلها، حيث يكشف مصدر سياسي رفيع أن هذه الزيارة ليست الأولى من نوعها، بل أنّ عشرات اللقاءات كانت قد جمعت الطرفين في عدد من العواصم العربية، لا سيما دمشق والرياض والقاهرة. هذه اللقاءات ستثمر بلا شك عودةً للعلاقات كما كانت قبل العام ٢٠٠٩، حيث كانت السين السين مفتاح الحلول في عدد من الملفّات الإقليمية.

اليوم أعيد احياء العلاقة، التي ستتوّج باعادة افتتاح السفارة السعودية للعمل في دمشق، بحضور وزير الشؤون الخارجية السعودي، على أن تشهد الرياض زيارة سورية رفيعة المستوى، لم يتقرّر بعد ما اذا كان الرئيس بشار الأسد شخصيًا من سيقوم بها أم شخصية ينتدبها هو، على أن تحصل خلال الزيارة لقاءات مع الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان.

السؤال الأهم في هذا الإطار هو عن عامل التوقيت وما اذا كانت عودة العلاقات تحمل معها مشاريع مشتركة في السياسة والإقتصاد.

تشير المعلومات أن الجانب السعودي تقصّد الإعلان عن الزيارة في وسائل اعلامه، وتقصّد ايضًا أن يجري اللقاء مع الرئيس الاسد وليس مع نائبه كما جرت العادة في اللقاءات غير المعلنة، بغية ايصال رسالة في أكثر من اتجاه تفيد بأن السعودية تسعى لاحسن العلاقات مع سوريا، وأنّها تقرّ بضرورة وجود الرئيس الأسد على رأس الدولة في السنوات المقبلة، ولذلك حصل هذا اللقاء قبل الانتخابات الرئاسية السورية بأسبوع ونيّف.

الجانب السعودي الذي أجرى لقاءات سرية في بغداد مع عدد من المسؤولين الايرانيين، يعوّل في اعادة تطبيع علاقاته مع دمشق على نقطتين أساسيتين. الأولى هي أن تساهم الوساطات السورية في تمتين الحوار مع الجانب الايراني، لمحاولة العودة الى صدارة المشهد العربي بعيدًا عن الصراعات، ولتكون تسوية الملف في اليمن هي انطلاقة التهدئة التي يريدها الجانب الأميركي في المنطقة.

الثانية هي ضرب سياسي لأي محاولة تركية للتغلغل أكثر فأكثر في المنطقة لا سيّما في شمال لبنان، الذي يعتبر جزءًا من الأمن القومي السوري والعربي.

في هذا الإطار برزت زيارة الوفد التركي للقاهرة، حيث سيكون الحوار التركي المصري مغطّى سعوديًا لمحاولة عدم استفزاز الأتراك واستيعابهم تطويق مشروع توسّعهم على حساب النفوذ السعودي على الساحة الإسلامية والسنية تحديدًا.

من هنا، تكون سوريا هي بوابة العبور السعودي نحو التهدئة، لا العكس. ومن هنا أيضًا، يمكن استشراف مستقبل عملية السلام في المنطقة، فاعادة السعودية للعب دور وسطي نوعًا ما يمكن أن يؤدّي إلى تليين مشاهد الصراع بين محوري الإنقسام، التي لطالما كانت السعودية أحد رؤوس حربته طوال سنوات.

هذا وتشير المعلومات أن الجانبين السعودي والسوري لم يأتيا بعد على بحث الملف اللبناني، حيث يفيد المصدر السياسي السوري أن السعودية لا تولي الملف اللبناني أي أهمية، وأنّ التسويات التي تحصل اليوم بين السعودية وسوريا وايران وروسيا والولايات المتحدة قد تُفضي إلى ترحيل ادارة الملف اللبناني إلى الجانب السوري في مرحلة ما بعد أيلول مقبل، وحينها يُبنى على الشيء مقتضاه.