<
22 November 2020
خادم الوطن (بقلم كريس تشوبوريان)

كريس تشوبوريان (جبّور) - 

في عيدك ال٧٧، كُنت أتمنّى أن أراك، كما ذكرت السنة الماضية، رافعًا يديك عاليًا، مؤشرًا علامة النصر . للأسف، ساءت حالتك يا وطني يومًا بعد يوم... تمنيّنا السنة الماضية، فيما كنتَ تعرج، أن تعود و تمشي ثم تركض و تعاود نشاطك الغائب منذ سنواتٍ طوال... لكن الظاهر أن الحلم كان صعب التحقق في ظل وجود خدّام عملاء لا يريدون مصلحتك، أكثر بكثير ممن يخدمك فعلاً بوطنية، فكلّما بدأت حالتك تتحسّن، ضربوك و جلدوك فأعادوك إلى المربّع الأوّل... و ها أنت اليوم في السرير، بين الحياة و الموت، المرض يأكلك، في الخارج يريدون رحيلك للإستيلاء على ثرواتك، و في بيتك خدّامٍ مصرّون على خدمة الخارج فلا يدركون أن في حال رحيلك سيصبحون مشرّدون خارج المنزل.
-في الخارج ينتظرون رحيلك ليستولوا على ثروتك النفطية، فيرسلون خادمهم، منتحل صفة الخبير النفطي لينفي وجود نفط و غاز في بحارك... و كأنّ تلك الثروة لشخص و ليس لوطن اسمه لبنان
-في الخارج ينتظرون رحيلك ليستولوا على ثروتك المائية، فيرسلون خدّامهم، منتحلو صفة الخبراء البيئيّين و السدود ليوقفوا مشروع يجعلنا، نحن الشعب اللبناني، يستفيد من ثروته... و كأنّ تلك الثروة لشخص و ليس لوطن و شعب
-في الخارج أرادوا استخدام ورقة توطين أكثر من مليوني لاجئ لتركع، فأمروا خدّامهم لإدخال هؤلاء دون حسيب و لا رقيب... و كأّنه إذا ركع الوطن سيبقوا هؤلاء صامدون على رجليهم.
-في الخارج أرادوا تفريغك من أبناءك لإضعافك، فأرسلوا خدّامهم لإرهاب المواطنين تارة بإغتيال أو انفجار عبوة، و تارةً أخرى بانفجار مدينة بأكملها... و كأنّه إذا ضعف الوطن سيقووا هؤلاء.
-في الخارج أرادوا تغيير نظامك لإعطاء السلطة الفعلية لخدّامهم، فأمروا بنشر الخراب و الفوضى و الحرب لينظّموا مؤتمرًا صوريًا... و كأنّ الوطن لعبة بين يديهم
-في الخارج أرادوا إفلاسك لتموت همًّا، فأرسلوا خدّامهم لينهبوك و يرموك على الرصيف... و كأنّ الوطن بقرة نحلبها ثمّ نذبحها.

طبعًا، نتأثّر بعوامل الخارج لكن اليوم أصبحنا بمرحلة متقدّمة، إذ أن الخارج ليس بحاجة بعد اليوم لإعطاء أوامر أو تحريك خدّامهم. أصبح هؤلاء يتحرّكون من طلقاء نفسهم أو بالأصح طمعهم يحرّكهم، فيفعلون فعلتهم ثم يذهبون عند الخارج كالكلاب التي تلهث للمطالبة بالمكافئة. المشكلة يا وطني أن وراء هؤلاء الخدّام ناس يصفقون لهم ليصبحوا أقوى، فحوّلوهم من خدّامٍ يركعون أمام الخارج إلى ملوكٍ يركع أمامهم جمهور... للأسف

فأين الإستقلال؟
الإستقلال هو في شخصٍ، في خادمٍ... لوطنه، الخادم الذي كلّما ضربوك ركع ليرفعك من جديد، الخادم الذي كلّما شعرت بإحباط و إرهاق عطاك يده لتسند عليه، الخادم الذي كلّما نهبوك دلّ عليهم بإصبعه، الخادم الذي كلّما شعر بتعبك حملك على أكتافه، الخادم الذي كلّما سمّموك ناد الطبيب لإنقاذك...

لم ينجح الخادم في منعهم؟
ربّما لأنّه وحيدًا في وجه العشرات من العملاء، فردع بعض الضربات و تلقّى بعض اللكمات عنك لكنّه لم يجد أحد يلاحق مَن نهبك و لا أحد من المارّة يسمع صرخاته ليسانده في نضاله...
المشكلة الكبرى يا وطني أنّ ورثتك ساذجين لدرجة أنّهم يصدّقون كذب الخدّام العملاء و لا يعرفون قيمة الخادم المناضل، آملين مرّة جديدة أن نعيّد السنة المقبلة بظروفٍ أفضل تكون يا وطني حينها قد عدت لقوّتك.

كريس تشوبوريان (جبّور)