<
14 October 2020
مفاوضات الناقورة هل هي لترسيم حدود أم لحل نزاع؟ (بقلم د.أحلام بيضون)

كتبت دكتورة أحلام بيضون:

ان الكلمات المستعملة لها أهميتها في القانون الدولي، لذلك لا بد للدولة اللبنانية أن تكون دقيقة واضحة في اعتماد المصطلحات.

فمفاوضات الناقورة لا يجب أن تكون لترسيم حدود لأن حدود لبنان الدولية مع العدو الإسرائيلي معرفة ومحددة ومرسمة ومثبتة بين الأعوام 1920 و1924 (راجعوا بهذا الخصوص، الدكتور عصام خليفة، الذي أشبع هذا الموضوع بحثا، وكتابنا حول إشكالية السيادة والدولة، نموذج لبنان)، واتفاقية الهدنة تتبع ذلك الخط. وبالتالي أي كلام عن ترسيم حدود سيفتح شهية العدو للمساومة على أراض تعود للدولة اللبنانية.
ما تم في العام 2000، أي بعد الانسحاب الاسرائيلي، وسمي بالخط الأزرق، هو خط انسحاب وليس خط حدود رسمي.
المفاوضات التي تبدأ اليوم، 14 تشرين اول 2020 هي بسبب محاولة إسرائيل الاعتداء على حدود لبنان البحرية أي المنطقة الاقليمية الخالصة التي تلي المياه الإقليمية اللبنانية، والتي أعطى القانون الدولي الحق للدول المحاذية الحق في الاستفادة من مواردها.
فيما خص هذا الموضوع، الاتفاقية الدولية حول قانون البحار واضحة، ولبنان لديه الخرائط العلمية والمبلغة للأمم المتحدة.
أصبح الغاية من مفاوضات اليوم بالنسبة للجانب اللبناني التمسك بحدوده البحرية التي هي امتداد لحدوده البرية، بالإضافة لتمسكه بحدوده البرية كما رسمت في العشرينات من القرن الماضي، والتي اتبعها خط الهدنة. بناء على ما تقدم يكون موضوع المفاوضات لحل نزاع ناتج عن ادعاءات باطلة لإسرائيل حول حقوق لها داخل حدود لبنان، وليس لترسيم حدود
هذا في مضمون المفاوضات.

أما في الشكل، وقد كثر النقاش بهذا الخصوص، حول طبيعة الوفد اللبناني، ومن يشكله، ومن الأشخاص الذين سيشكل منهم، مخافة أن يؤدي إلى نوع من التطبيع مع العدو. الحقيقة أن مثل ذلك النقاش يخلط الأمور، ويبين مدى العقم العلمي عند بعض المسؤولين. فالتفاوض الدولي تحكمه الغاية التي أدت إليه، وهي هنا حل إشكال خلقه طمع إسرائيل بالموارد اللبنانية البحرية، ومحاولة تقاسمها مع لبنان. الموضوع ينتهي عند تحقيق تثبيت لبنان لحقه. وتوقيع إسرائيل على ذلك.

أما فيما يتعلق بالأشخاص المفاوضين، فمن حق الدولة أن تختار من تريد ليمثلها في هذه المفاوضات، أي لا فرق بين أن يكون شخصا مدنيا أو دبلوماسيا أو سياسيا، طلما أنه سيفاوض باسم الدولة . تؤثر صفة الشخص في مستوى التمثيل فقط، وإعطائه أهمية. كل ذلك لا يعني الطرف الآخر المفاوض، ما يعنيه هو الموضوع، وجدية التفاوض.

فيَا خص موضوع الصلاحية، هو محدد في المادتين 52 و 49 من الدستور اللبناني، ويستخلص منها أن رئيس الجمهورية هو صاحب الصلاحية في المفاوضات الدولية، ولكن ككل مفاوضات تؤدي الى اتفاق دولي، يجب أن يوافق عليها مجلس الوزراء، وبعضها يجب ان ينال تصديق مجلس النواب، والمقصود هنا نتيحة المفاوضات.

فيما يتعلق بصفة أعضاء الوفد اللبناني، يجب على المسؤولين اللبنانيين أن يحرصوا على أن يضم الوفد أفضل خبرائه، وأن يكونوا مزودين بكل الوثائق اللازمة لتثبيت حق لبنان في مياهه البحرية أو البرية، لأن الوفد الاسرائيلي سيكون على مستوى كبير من الدهاء والمعرفة. وبالتالي يجب أن يكون هناك تناسب في هذا المجال.

في النهاية، أي يكن نوع المفاوضات بين طرفين، فهو يحمل في طياته نوع من الاعتراف بالآخر، وهو هنا ليس ذو أهمية لأن لبنان دولة قائمة، وإسرائيل دولة قائمة وإن كانت قامت على أسس باطلة وعدوان.