<
15 September 2020
ما هي دوافع القوات في تصرفاتها الاخيرة؟ ( بقلم رزق الله الحايك)

على الرغم من التضليل المكثّف ومحاولة تحوير الوقائع، شكلت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ضربة قاسية للقوات اللبنانية، حيث خيّب ماكرون آمال القواتيين بشدة بعد رفضه كافة مطالبهم وبعد تسريب ردوده على مطالب واقتراحات الدكتور سمير جعجع بحيث قد يضيع للمتابع ان كان المتحدث هو ماكرون نفسه ام الرئيس ميشال عون.

 


فقد رفض الفرنسيّون مطالب جعجع المتمثلة بتحقيق دولي وما يعنيه هذا المطلب من احلام العودة الى مرحلة ال ٢٠٠٥-٢٠٠٨، كما تهكّم الرئيس ماكرون على مطلب الحكومة الحيادية مستغربًا كيف يمكن لهكذا حكومة تعاكس المجلس النيابي ان تنال الثقة لتباشر مهامها، واخيرًا وعلى الرغم من تصريحه عدة مرات بامكان اجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال مهلة ستة اشهر الى سنة، عاد ماكرون في مؤتمره الصحافي الاخير قبل مغادرته لبنان وتخلى عن هذا المطلب موجهًا ضربة قاسية لمن اعتقد ان بامكانه الاستثمار الشعبوي في الازمة.

 

الرفض الفرنسي لكل مطالب القوات مقابل تبني الرئيس ماكرون لكافة مطالب رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، بالاضافة الى الانكفاء السعودي الذي من جملة ما يعنيه غياب الرافعة الاقليمية التي تسمح للقوات بالجلوس على طاولة الكبار، دفعت بالقوات اللبنانية إلى إعلان رفضها المبادرة الفرنسية وعدم تسمية مصطفى اديب في الاستشارات النيابية رغم اتصال ماكرون بجعجع الذي راهن على فشل المبادرة الفرنسية.

 

ومع بدء مسار تأليف الحكومة، حاول الرئيس المكلف بدفعٍ من رؤساء الحكومة السابقين عزل رئيس الجمهورية عن عملية التأليف متحججين بتفسيرٍ دستوريٍ على قياسهم في محاولة لاحراج الرئيس عون امام الفرنسيين ولفرض تشكيلةٍ تسمى حيادية لكنها في الواقع ١٤ آذارية بامتياز وتهدف الى عزل الثنائي الشيعي تحقيقًا لمصالح اميركية وخليجية.

 

امام هذا الواقع الذي قوبل بصمتٍ تام في بعبدا، مضافًا اليه حزمة العقوبات الاميركية الجديدة، توهّمت القوات ان المعادلة التي فرضها ماكرون في طور التبدّل وان الفرصة الدولية والاقليمية سانحة لتحقق القوات مشاريعها.

 

لذلك بدّلت القوات سريعًا موقفها حيث غرّد نائبها الجبيلي زياد الحواط ان المبادرة الفرنسية قد تترجم ايجابًا وتفتح صفحة جديدة من تاريخ لبنان واعتبرها فرصة داعيًا القوى السياسية الى تلقفها وإعطاء الحكومة المنتظرة كل الدعم المطلوب للخروج من النفق.

 

وكالعادة، خابت حسابات القوات وانكسرت آمالها مع اتصال الرئيس ماكرون بالوزير جبران باسيل ومع تراجع مصطفى اديب عن تصرفاته الاحادية وفشل محاولة عزل رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي ومباشرة الرئيس عون مشاوراته مع الكتل النيابية لمساعدة اديب في استكمال التأليف.

 

ومع فشل رهانات القوات على الحركة السياسية لتحقيق طموحاتها ومشاريعها، شهدت مناطق الجميزة وميرنا الشالوحي بالامس اخر محاولة استعطاف من القوات باتجاه الفرنسيّين. فهذه التصرفات الصبيانية التي قد تشدّ عصب بعض من يعيش اوهام الماضي لن تشدّ انظار المعنيّين صوب القوات. فعلى الرغم من كثرة الالغام الا ان قطار المبادرة الفرنسية انطلق بقوّة وسحق بطريقه محاولات التذاكي السياسي ولن يتوقف لتصعد القوات على متنه لو مهما علا صراخها.