<
04 June 2020
بعد ملف الفيول القضائي: هل تجرؤ الحكومة على فتح باب المناقصات أم ستكرّس مجدداً الاحتكار؟

لارا الهاشم -

 فيول مغشوش أو فيول غير مطابق هو اختلاف على المصطلح، فيما الأساس هو أن فيولا غير مستوف للمعايير المتفق عليها بموجب العقد الموقع من دولة الى دولة،بين لبنان والجزائر، قد وصل على متن باخرة بالتيك، بعد التلاعب به كما تجزم مصادر قضائية لل tayyar.org.

لكن تزامنا مع فتح ملف الفيول قضائيا على مصراعيه منذ أشهر وتوسع التحقيقات لتشمل حمولات سابقة في ال ٢٠١٨ وال ٢٠١٩ للشركة عينها أحدثت ضرراً في المعامل وفقا للمصادر القضائية، وطالت مدراء وأصحاب شركات نافذين، حاول بعض الأطراف التخفيف من وطأته لاسيما بعد اعلان سوناطراك عن تقديمها بديل مطابق للمواصفات ومن دون أي تكلفة إضافية للبنان مقابل أدإعادة حمولة البالتيك.

ومع تزايد الشبهات حول تورط شركتي ZE ENERGY لآل رحمه و BBE للبساتنة ومن خلفهما عبر استخدامهما سوناطراك BVI كواجهة وفقا للتحقيقات، ارتفعت الأصوات الداخلية لمحاولة حرف الملف عن أساسه عبر تسييسه. وما أضعف موقف الدولة هو بروز علامات استفهام من قبل سوناطراك حول التبدل في الموقف الرسمي اللبناني حيال باخرة ASOPOS الراسية في المياه الاقليمية منذ اكثر من شهر، بسبب رفض وزارة الطاقة إفراغ حمولتها لعدم مطابقتها. ليتبين لاحقا وفقا لفحوص جديدة أن الفيول مطابق للمواصفات فيما الباخرة لا تزال متوقفة بسبب عدم فتح اعتمادات لها، رغم فك الحجز القضائي عنها.

وكيل الشركة المحامي يوسف الخازن يأخذ على الوزارة عدم تسليمه التقارير الرسمية التي أظهرت عدم مطابقة الفيول رغم مراسلاته المتكررة، فيما وزارة الطاقة ترفض إعطاء أي إجابة حول الموضوع "كون الملف في القضاء" وتقول مصادرها عبر tayyar.org أن "مخاطبة الوزير يجب أن تتم عبر القنوات الرسمية".

في سياق متصل يضيف الخازن أن إيجار هذه الباخرة يبلغ 30 ألف دولار يوميًا، وأن كل يوم تأخير سيكبد لبنان غرامات تأخير طائلة قد تزيد عن المليون دولار. فما قام به لبنان بالحجز ويقوم به اليوم هو بالنسبة للأخير انتحار و "سوناطراك لن تقدم هدايا بعد اليوم".

وفيما يظهر بشكل واضح أن تحذير سوناطراك من مغبة إخلال لبنان بالعقد مع الشركة والتلويح بوقوعه في الظلمة جراء ذلك قد أربك الحكومة، يبدو موقف النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان واضحاً. ومفاده بحسب مصادر tayyar.org أن حجز الباخرة تم حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية في ملف قيد التحقيق يشمل الحمولة المذكورة وأخرى للشركة عينها تعود لسنوات سابقة. لكن بعد تسلّم النيابة العامة تقرير البحوث الزراعية(اللاحق لتقرير مختبرات المنشآت) الذي أكد على مطابقة حمولة ASOPOS رغم اختلاف بسيط في الكثافة، فهي لن تتحمل مسؤولية إيقاع لبنان في الظلمة. أما فتح الاعتمادات فليس من مسؤولية القضاء.

اذاً لا يزال موضوع هذه الشحنة غير واضح وتدور حوله علامات استفهام عدة. فما الذي تبدّل في النتائج؟ وما دامت فعلا مطابقة فلماذا لم يتم فتح اعتمادات لها بعد؟ لكن في موازاة استكمال التحقيقات ريثما تجري القاضية غادة عون المطالعة بالأساس التي ستحدّد المسؤوليات، تتجه الانظار نحو المناقصة التي سبق ووعد باجرائها وزير الطاقة ريمون غجر.

ففي ٣١ كانون الاول يجدد العقد مع سوناطراك تلقائيا لثلاث سنوات ما لم يقدّم أحد الفريقين مذكرة إلغاء قبل ٩٠ يوم على الاقل وفقاً لنص العقد، أي في تشرين الاول. ما يعني أن اجراء مناقصة شفافة يستدعي إعداد دفتر شروط بأسرع وقت ممكن بحسب مصادر في إدارة المناقصات ل tayyar.org. "فاجراء مناقصات مع شركات عالمية يستغرق ما بين الأربعة إلى الستة أشهر من ضمنها فترة الإعلان التي تمتد إلى شهرين، وقد بتنا اليوم أمام مهلة فاصلة تناهز الخمسة أشهر". أما في حال تعذر إجراء مناقصة فيبقى احتمال استدراج العروض متاحا، لكنه ليس الأمثل. فاستدراج العروض يتم عادة عندما تكون المواد المطلوبة مملوكة من قبل شركات معدودة فتتم دعوتها من أجل الحصول على العرض الأفضل. الأمر الذي لا ينطبق على مادة الفيول التي تنخرط فيها شركات عالمية عديدة.

وعليه يضع قانونيون الحكومة أمام مسؤولية تكليف وزارة الطاقة باجراء مناقصة لاستيراد الفيول في أقرب وقت ممكن وذلك تلافياً للوقوع في الثغرات عند توقيع العقد "تحت صفة العجلة"، انطلاقاً من التجارب اللبنانية السابقة عند أكثر من استحقاق.

علما أن مصادر في إدارة المناقصات تضع ملاحظات عدة على العقد الموقع مع سوناطراك. ولعلّ أبرزها هو التجديد التلقائي الذي لا يجوز في عقود التوريد إذ يجب أن يخضع التوريد لتقييم دوري ليبنى على الشيء مقتضاه. غير أن التعاقد مع الشركة نفسها لفترة طويلة هو نوع من أنواع الاحتكار المخالف للمادة ٨٩ من الدستور التي "تمنع منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود".

أضف الى ذلك "ضرورة إعادة النظر بالمسؤولية التي حصرها العقد بالشركة المصدرة عند التحميل ما رتّب مسؤولية كاملة على الدولة اللبنانية عند التفريغ، وضرورة إعادة النظر بالبند الذي تم الغاؤه في عقد ال ٢٠٠٥ والمتعلق بتسليم شحنتي فيول من دون فتح اعتمادات. فالغاؤه حمّل الخزينة عشرات ملايين الدولارات كبند جزائي نتيجة التأخير في فتح الاعتمادات. ناهيك عن عدم وضوح البند 13 من العقد الذي حدّد غرامة التقاعس وفقاً لشروط وغرامة التقاعس الخاصة بعقد النقل، وكأنه يوحي بامكانية القبول بالفيول رغم التقاعس شرط التغريم".

إزاء كل هذه الملاحظات القانونية إضافة الى الملف القضائي المفتوح تجد مصادر قانونية أخرى عبر tayyar.org أنه من الملح فتح باب المناقصات قبل فترة التجديد الحكمية مع ضرورة استبعاد الشركات التي تدور حولها الشبهات وضمان عدم مشاركتها بطريقة غير مباشرة.

أما فيما خص محاولة إضعاف موقف الدولة اللبنانية عبر التهويل من قبل أطراف داخلية أو خارجية بامكانية وقوعها في الظلمة فهي في غير مكانها. إذ تؤكد مصادر في ادارة المناقصات ل tayyar.org أن في حال أعلن لبنان عن عدم رغبته في تجديد العقد من دون أن يتوصل في اسوأ الاحوال إلى فض عروض ضمن المهلة القانونية، فلا وجود للفراغ في القانون الاداري.
فمبادئ القانون الاداري أقوى من العقود وفي هذه الحالة تبقى الشركة الموردة ملزمة بالاستمرار بتسيير المرفق العام خاصة أنها تتقاضى ثمن الفيول بموجب اعتماد مستند، مع الابقاء على حقها بالمطالبة بتعويض مبني على الربح الفائت إذا ارتأت أن غبنا لحق بها. أما في حال عرقلتها لتسيير المرفق العام، فيمكن للبنان عندها اللجوء إلى التحكيم الدولي وفقا للقانون.