<
26 March 2020
عندما تضع الدولة عقلها في رأسها...

لأسباب كثيرة، شكراً كورونا.


طبعاً، ليس لأنك فيروسٌ قاتل، تجاوز عدد المصابين به اليوم في اوروبا وحدها، الربع مليون.


... وبكل تأكيد ليس لأنك حولت حياة الناس إلى جحيم، فأسرتَهم في المنازل أو المستشفيات، ومنعت عنهم لقاء الأحبَّة بشكل تام.


إنسانياً، شكراً كورونا، لأنك ذكَّرتنا أولاً بأهمية التواصل بين البشر، لا عبر وسائل التواصل فحسب، بل بالعلاقات الاجتماعية التقليدية، التي بات يفتقد لها الجميع.


شكراً كورونا، لأنك ذكرتنا بأهمية الأشياء العادلة، التي لم نكن نعيرها في الايام العادية اهتماماً يذكر، والأمثلة لا تعد أو تحصى، من الاعتناء بالصحة، الى تخصيص وقت اضافي للعائلة، وصولاً إلى العناية بالطبيعة، واللائحة تطول.


شكراً كورونا، لأنك أنعشت ذاكرتنا، بأن المجتمعات لا تخلو من أبطال، مستعدين دائماً للتضحية من أجل أخيهم الإنسان...


معك، تذكرنا أن الجندي البطل الذي يستشهد دفاعاً عن الوطن، ليس وحده البطل، فالطبيب الذي يخاطر بحياته لإنقاذ المرضى بطل، والممرضة التي تأبى إلا أن تهتم بمصاب بطلة، والاعلامي الذي يصر على ايصال الصورة والصوت بطل، والبائع الذي لا يغش لا بالسعر ولا بالنوعية بطل، والمدرس الذي يعطي من وقته مجاناً لمساعدة طلابه بطل، والاهل الذين يخافون على بناتهم وابنائهم ابطال، والبنات والابناء والاحفاد الذين يهتمون بالوالدة والوالد والجدة والجد ابطال، ورجل الدين الذي يأبى أن يستخدم جهاز التنفس النادر، ليستفيد منه مصاب أصغر سناً، لم يتسنى له بعد أن يتمتع بالحياة، هو أيضاً بطل...


أما لبنانياً، فشكراً كورونا، لأنك ذكرتنا أن الدولة في لبنان، عندما تضع عقلها في رأسها، أو عندما يصبح على رأسها عقل، يمكن لها أن تكون دولة.


اما الدليل، فإجراءات الوقاية من كورونا، التي استخف بها البعض بداية، وزايد عليها بعض آخر بالسياسة لاحقاً، قبل أن يكتشف الجميع أخيراً أنها جيدة ومقبولة، وان وضعنا نعمة من الله مقارنة ببلدان أخرى، يصنفها البعض بالأكثر تطوراً من لبنان.


لكن، اذا كانت الدولة وضعت عقلها في رأسها صحياً، فيبدو ان البعض لا يزال يبعد العقل عن الرأس في ملفات اخرى... ملفات لا يعني عدم اكتراث اللبنانيين بها كثيراً اليوم، أنها غير مهمة...


ولذلك، من واجب المعنيين اتخاذ المواقف المسؤولة منها، منعاً لاستغلال الظرف الصحي الراهن، لتمرير ما يضرُّ بصحة الوطن والشراكة والكفاءة في آن معاً.

OTV News