<
14 February 2020
بيان من بهاء الحريري

قال بهاء الحريري في بيان: "في البداية، لا يسعني إلا أن أتوجهَ بالشكر إلى كل من شارك في تحرك يوم الجمعة ١٤ شباط إلى ساحة الشهداء مستذكراً والدي الشهيد وإنجازاته وتضحياته من أجل لبنان واللبنانيين".

 

إ‎نني وأنا أشاهد ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية و الاجتماعية في وطننا من شِبه إنهيار تام لمستويات الدخل الفردي و القوة الشِرائية اللذين يؤمنّان أَبسَط مُقَوِّمات العيش بكرامة، لا يُمكنني إلَّا و أن أُشاطِرَ كُلٍّ منكم ما يَجولُ في داخِلِي مِن إزدراء وخَيبة مِمّن كان أجدى بِهِم أن يكونوا مؤتَمَنين على حرية وعافية المُواطن الاقتصادية والإجتماعية و السياسية.

 

‏‎لَم أكُن أتخَيَّل عَشِيَّة اغتيال رفيق الحريري أنَّنا خِلال عَقدٍ و نَيَّف مِنَ الزَمَنِ سَنَصِلُ إلى هذا الدركِ مِنَ الإستهتارِ بشؤونِ الوطن و المواطن و الإسفافِ في التعاطي. لم أَكُن أُبدي رأييِ في الشؤون العامَةِ و ذلك حِرصاً مني على عدمِ الدخولِ في سِجالاتٍ لا تَخدِمُ الّا صائدي أخبار الثرثرة الرخيصة. أما اليوم و قد وقَعنا في المحظور فلا بُدَّ لي مِنَ التأكيد على أن ما كان يَحصلُ بِتَدرُّج بعد اغتيال والدي الشهيد، هوَ اغتيال بطيء لِكُلِّ ما آمَنَ بِهِ لِوَطَنِهِ و أهلِهِ و بِسَبَبِهِ أُغتيل. رجُلِ الإعمار والتعليم الذي عمل بجد على إنهاء الحرب الأهلية و حَمَلَ في صَلبِهِ إلغاءَ الطائفية السِياسِيّة.

 

ما قام بِهِ ولا يزالُ شبابُنا و شابَّاتُنا و أهلنا على مدى الأشهر الأربعة الماضِية هُوَ قِمَّة الرقي في إعطاء دروس لِمَن فَقَدَ معنى الصِدقِ و الإخلاصِ و الأمانة في توَلِّي و تعاطي الشأن العام.

 

‏‎لقد مرَّت على لبنان العديد من المحطات التاريخية التي عادة ما كانت تنهي مستقبل دُوَلٍ و لكن ثِقَة أهلِنا في الداخل، كما في بلاد المهجر، بأولادهم و أنفسهم على الخروج أقوى مِمَّا دَخَلوا كانت دائماً الحافِزَ للبقاءِ و الإستمرار.

 

‏‎اليوم نَشهَدُ أيامًا و أسابيع و أشهر أصعب و أخطر مِمَّا اختبرنا أو حتى قرأنا في تاريخنا، لكن بالمقابل نرى مواطنين صادقين عبروا فوق جِدران الطوائف الوهمية و نبذوا المسافات الطبقية، صرخوا بحنجرةٍ واحدة مُطالبين برحيل منظومة الفساد و اسيادها و اعوانها.

 

‏‎فليكن الإيمان بِغَدٍ مُشرِقٍ قريب.