<
13 February 2020
"ضروري نحكي" يناقش البيان الوزاري ويقارب الأزمة المالية قانونياً

سلبيات وإيجابيات البيان الوزاري كانت في ميزان ضروري نحكي هذا الأسبوع، الذي ناقش وجهَي البيان وسأل إن كان يرتقي لمستوى استثنائية الوضع أم يقتصر على إدارة إنشائية للانهيار، وسلط الضوء على نقطة البداية في الإصلاح على أصعدة مختلفة، وسبُل استعادة ثقة الناس، وقارب كل هذه الملفات بالإضافة لاستراتيجيات المصارف الدفاعية وحقوق المودعين ومصيرها القانوني مع الوزير السابق زياد بارود، وفي الفقرة الاولى تطرق لأهمية تعزيز الإنتاج الوطني الزراعي مع مدير البرامج في جمعية " Arc en ciel " نديم عبده.

مقدمة ضروري نحكي
سألت داليا داغر في مقدمة برنامجها: "من قال إن الثورات تتعارض مع الأَخلاقيات ؟ ومن قال إن الثورات يحق لها انتهاك الحرمات ؟ ومن قال إن ارتياد الأماكن العامة ممنوع ؟ ومن يقرر الممنوع ؟ ومن يحدد المسموح ؟ ما يجري هو في بعض الأحيان تفلُّتٌ من كل الضوابط، وبعيدٌ عن أي معيارٍ من المعايير الأخلاقية... إن المعنيين بمواضيع الحراك والإنتفاضة والثورة، وسمّوها ما شئتم، مدعوون إلى تصويب مسارهم قبل فوات الأوان وقبل أن تفلت الأمور عن مساراتها السلمية".
وأضافت: "بماذا نتلهى والبلد يغرق؟ بماذا نتلهى ولبنان يمر بأسوأ أزمةٍ في تاريخه ناجمةٍ عن تراكماتٍ عمرها من عمر لبنان ما بعد الطائف ؟ بماذا نتلهى والصفقات تُعلَنُ وتضعنا في خانة الدول التي يجب ان تدفع الثمن؟ بماذا نتلهى وأبواب السفارات والقنصليات تزدحم بطالبي الهجرة؟ بماذا نتلهى والمصانع والمؤسسات والفنادق تقفل أو في طور الإقفال؟ بماذا نتلهى وقد أصبح التصديُ صعبًا والاستيراد شبه مستحيل؟ بماذا نتلهى وقد أصبح جيل اليوم مشروع هجرة جماعية؟".
ورأت داغر في مقدمتها أن "الحل والربطُ بأيدينا، إذا كنا نريد وطنا فعلينا ان نبني دولة، لدينا وطن لكن وللاسف الدولة وجهة نظر، فهل على قدم المساواة نبني الدولة ؟ الدولة إيمانٌ ما لا نؤمن بالدولة لا نستطيع بناءها وما لم نبن الدولة نكون في مزرعة".
وأشارت إلى الحكومة الجديدة وجلسة الثقة بالقول: "الحكومة هذه ستمثل لأول مرة غدًا أمام المجلس النيابي المنقسم، كنا نعتقد أن زمن 8 و14 قد ولى، لكن مشهد المجلس النيابي غداً سيقطع الشكَ باليقين... تراجع الأميركي والسعودي لسنوات فتراجع الانقسام، عاد السعودي والأميركي وصفقة القرن فعاد الانقسام. لكن، وقبل أن تغشَكم بطولاتُ ثوارِ المجلسِ وأنصارِهم بعد ان سقطت الأقنعة عن وجوهِهم، فليكن واضحاً لكم أن البيانَ الوزاريَ لهذه الحكومةِ إنما يشكلُ خارطةَ طريقٍ محتملة للخروجِ من الأزمةِ، أما من يقولون (لا ثقة) فلا يقدمون أي بديلٍ أو حلٍ أو مشروعٍ اقتصاديٍ آخر؛ لن نطرح البديلَ، لن نسمي وزراء، لن نشارك واليوم لا ثقة".
وختمت: "للـ (لا ثقة) هنا معنى وحيد: إفشالُ هذه الحكومةِ للوصولِ إلى الانهيارِ الاقتصاديِ الشاملِ. هذا هو المشروعُ الذي يعملون عليه. غداَ سيكون المشهدُ واضحًا: محاولةُ إنقاذِ ما تبقى أو الاستسلامُ لمزيدٍ من الفراغِ والعجزِ والانهزام، علماً أن ترهيبَ من يقاومون الاستسلامَ وتشويهَ صورتِهم وتلفيقَ الاشاعاتِ عنهم وتركيبَ الأفلام لهم شغال منذ أكثر من ثلاثة شهور بكثير، لكن الشعبَ اللبناني الذي لن يلبي دعواتِهم غداً ولن يشارك في سعيِهم الحثيثِ لتدميرِ نفسِه بنفسِه هو من أحبَطَ كلَ خططِهم؛ هذا الشعبُ الشجاعُ والمقاومُ سيمنح الحكومةَ غداً فرصةً، عبر تجاهلِه لدعواتِهم. فرصةٌ يُفترضُ بحكومةِ حسان دياب أن تتلقفَها لتبادرَ إلى إجراءاتٍ إنقاذيةٍ أكثرَ جرأةٍ بكثيرٍ مما أوردته في بيانها الوزاريّ".

مدير البرامج فيArc en ciel نديم عبده
وللحديث عن أهمية الانتاج الوطني الزراعي والزراعة المدنية، استضافت داغر في الفقرة الأولى التي خُصصت لدعم الانتاج والمبادرات الوطنية مدير البرامج في جمعية "Arc en ciel " نديم عبده. الذي أكد أن الجمعية بدأت الاهتمام بالمبادرات الزراعية في المناطق منذ الـ2003 "وفي العام 2009 فعّلنا هذه المبادرات في مزرعة تعنايل التي أصبحت مزاراً سياحياً وهذا ما يسمى بالسياحة الزراعية".
ومن التحديات التي واجهت الجمعية ذكر عبده "غلاء المواد الاولية الزراعية من بذور، أسمدة ومبيدات، فلجأنا لإجراء مناقصات للحصول على المواد الاولية بأسعار وجودة أفضل، وأنشأنا براداً زراعياً للاحتفاظ بالمحصول ونشره بالاسواق في غير مواسمه، بدلاً من استيراده بتكاليف باهظة. وأنشأنا أيضاً بيت المزارع، وهو عبارة عن سوق من المزارع للمستهلك مباشرةً، يسمح بتخطّي الأكلاف التي يتطلبها بيع هذا المنتج عبر الوسيط".
وتحدث عبده عن أهمية زراعة أسطح المباني والشرفات في المدينة وفوائدها العديدة: "فائدة اقتصادية بتوفير الفاتورة الاستهلاكية، وفائدة بيئية تقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وفائدة صحية وحتى نفسية وتربوية".
وكشف بأنه لدى الجمعية "فريق من المختصين مستعد للمساعدة بدراسة وتصميم وتنفيذ وصيانة أي مشروع زراعي من هذا النوع"، وطالب البلديات بمساعدة المبادرين في قطاع الزراعة لا سيما المدنية منها وتخفيف الأكلاف والرسوم عليهم وتحفيزهم في هذه المشاريع التي تعود فائدتها على الجميع.
وتوجه عبده في ختام الفقرة الأولى لكل من ليس لديه الوقت للمبادرة الى مشروع زراعي كبير أو صغير وتمنى عليه أن يساهم بتبنّى مشروع، واستثماره عبر تقديم الدعم المادي لأحد المبادرين. ورأى ان المبادرات للنهوض بالإنتاج الوطني الزراعي أصبحت ضرورة وليست خياراً في ظل الاوضاع التي وصلنا إليها.

الوزير السابق زياد بارود
وفي الفقرة الثانية ناقشت داغر العديد من المواضيع السياسية والمالية والقانونية مع الوزير السابق زياد بارود، الذي فضّل بقاء التحركات في الشارع "عفوية ولها علاقة بالناس، وليست مؤطرة بشكل كبير" وأضاف: "وأنا من هذا المكان المسمّى بالمجتمع المدني جئت، ولم آتِ من بيت سياسي ولذلك أفهم غضب الناس. وليس المهم التسمية التي تطلق على الحالة الشعبية في الشارع لكن لا شك بأن هذه التحركات ستنتج حالة سياسية ربّما تنظيمية في فترة قريبة".
"وكلن يعني كلن ليست اتهاماً مجانياً للجميع، لكنها تعني أن الجميع يجب أن يكونوا تحت المساءلة، ومن الطبيعي بعد كل ما حصل وما وصلنا إليه ان يتحمل أحد المسؤولية، وأنا مرتاح اليوم لأنني لست نائباً في المجلس النيابي بهذا الظرف".
وفي البيان الوزاري قال بارود: "النقص الاساسي في البيان الوزاري، وان كان لدى من كتبه حسن النية، أنه لا يأتي على ذكر الانتخابات النيابية المبكرة، وهو المطلب الشعبي الأساسي في الشارع اليوم، واكتفى باللجوء للإكتفاء بقانون انتخاب جديد".
"والاكيد أن هذا البيان الوزاري طموح، ويُحمل نفسه الكثير لأن الوضع مأزوم والناس منتظرة حقائق، وصحيح انه في عدة أماكن تحدث البيان عن خطة طوارئ، لكن الطارئ الاقتصادي لا ينتظر حتى مهلة المئة يوم التي طرحها البيان".
وأشار بارود إلى أن "المرحلة كانت تستحق حكومة مستقلين بالكامل" مشجعاً خيار الحكومة الحزبية أو حكومة المستقلين، "لان حكومة مختلطة ما بين الاثنين ستكون إدارتها صعبة حتى على رئيس الحكومة، وشكل الحكومة ما بين حزبيين ومستقلين قد يتسبب بعسر هضم في البيان الوزاري المطروح".
ولم يرَ تأثيراً لعودة الاصطفاف السياسي على مطالب الناس الموازية في الشارع "لأن هذا الاشتباك ما عاد مفيداً ولا عاد مضراً للشارع غير المعني حتى بهذا الاصطفاف، وأعتقد أن الناس في الشارع اليوم مقبلة على مرحلة التنظيم".
وحكومياً الاولوية اليوم للمعالجة بنظر الوزير السابق "فيجب أن تكون الوضع المالي ثم الوضع المالي ثم الوضع الاجتماعي، لأن الازمة الاقتصادية المالية يمكن ان تؤدي لازمة اجتماعية امنية". لافتاً إلى أنه "لا يجوز الحديث عن قانون انتخابات اليوم انطلاقاً من أي نظام وأي دائرة، بل يجب أن يكون الحديث عن ضبط المال الانتخابي ونظام كوته للمرأة وهيئة انتخابية مستقلة". وشدّد على الضمانة الوحيدة في مكافحة الفساد هو "القضاء المحصّن بحالة شعبية وبالبيان الوزراي وبانتفاضة كبيرة داخل الجسم القضائي ايضاً، عبّر عنها نادي القضاة".
وعن المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء علق بارود: "هذا المجلس من مخلّفات الزمن الرديء، والاحكام الدستورية المرتبطة به تعطل الملاحقة وتعطي حصانة ما فوق الحصانة". ورأى باللامركزية الادارية واحدة من الاصلاحات الاساسية لانتظام الحياة والخدمات بمعزل عن الاشتباك الكبير في المركز.
وفي الموضوع المالي، اكد بارود أن "ودائع الناس لم تطير، لكنها دفترية اكثر مما هي نقدية، والمصارف ليست دكاكين بل مؤسسات مالية تابعة لهيئة ناظمة هي مصرف لبنان، وهناك بلد مديون وهندسات مالية وتمويل لتثبيت سعر صرف الليرة وتمويل عجز الموازنة وكل هذا مُكلف، ويعني أن ديننا داخلي أكثر منه خارجي وهنا المصيبة الاكبر".
وبرر خوف الناس قائلاً: "من حق الناس أن تخاف على ودائعها ومن حقها أن تغضب، لانه ليس هناك من جهة رسمية تخرج وتتحدث عمّا يحصل بشفافية، ولأن أموالهم تقنياً لا يستطيعون الحصول عليها" موضحاً: "الحفاظ على النظام المصرفي ليس حرصاً على الأخير، بل على الناس، لأن هذا النظام إذا سقط من سيتضرر هو مجموع المودعين وليس المصارف، وعلى الحكومة ان تتخذ تدابير مع حاكمية مصرف لبنان، وعلى المصرف المركزي أن يقدم صورة اوضح للناس حول الوضع المالي، وعلى المصارف أن تتعاطى بشكل مختلف مع المودعين لجهة الوضوح، وربما المطلوب أن يكون هناك تضحيات من الجميع ومن بينها المصارف".
وختم: "وعلى المواطن أن يكمل بالضغط للحصول على اجوبة أوضح، وعلى مجلس النواب ان يتحمل مسؤولياته في التشريع وهو قادر على أن يؤدي دوراً مهماً في هذا الاطار لا سيما بعد منح الحكومة الثقة" ورأى أنه "لا بدّ من التفاوض على اعادة جدولة الاستحقاقات المالية المستحقة على لبنان للخارج".

وكان برنامج ضروري نحكي أطلق فقرة جديدة هذا الاسبوع تحت عنوان #طلابنا_ثروة ، وهي فقرة أسبوعية سيكون بطلها كل اثنين طالباً يتحدث عن طموحه... إرادته وعن لبنان الذي يحب ويتمنى.

OTV