"كلن يعني كلن"، أي الفاسد زائد الإصلاحي في سلَّة واحدة، والنتيجة الطبيعية، إفلات المرتكب من العقاب بفعل التعميم... تلك هي المعادلة التي حاول البعض إرساءها منذ السابع عشر من تشرين الأول الفائت.
الحالة العونية التي تحارب الفساد تاريخياً، زائد الحراك الشعبي العفوي والصادق، ناقص القوى الفاسدة التي ركبت الموجة، والوجوه المستغلة المعروفة، في سلَّة واحدة... والنتيجة الطبيعية إصلاح ممكن، بالأفعال كما الأقوال... تلك هي المعادلة التي أرستها تظاهرة بعبدا اليوم.
أما اعتباراً من الغد، فعوض العودة إلى قطع الطرق على الناس، فليبدأ جدياً قطع الطرق على الفاسدين، ولتشكل حكومة تتجاوز المسببات التي حالت سابقاً دون الإصلاح، وليقرّ مجلس النواب القوانين الأربعة التي تشكل العمود الفقري لمحاربة الفساد، أي رفع السرية المصرفية ورفع الحصانة واسترداد الأموال المنهوبة وإنشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المرتكبة على المال العام. وليتحول شعار "سرية محاسبة استرداد" صرخة وطنية جامعة، تماماً كما أصبحت ثلاثية "حرية سيادة استقلال" بعد عام 2005.
تظاهرة بعبدا اليوم أتت لتكمل لا لتنقض. فإصلاحيو لبنان مدعوون إلى توحيد الجهود، والرئيس ميشال عون معهم ويحبهم "كلن يعني كلن"، كما عبَّر بعاطفته الأبوية المعهودة اليوم.
أما النوايا المبيتة والأهداف الخبيثة التي عادت لتطل برأسها مباشرة بعد تظاهرة بعبدا، ففاشلة حتماً ومجدداً، فهي أولاً باتت مكشوفة أمام الناس، وهي ثانياً لم تعد في مواجهة مع مجرد شخص أو حزب أو تيار، بل مع شعب كامل، وإلغاء شعب غايةٌ تحقيقها يبقى دوماً في حكم المستحيل.