<
12 October 2019
13 تشرين الاول 1990... ذكرى غالية قيمتُها بانها لا تُقَسَّم - العميد المتقاعد شارل ابي نادر

تأتي ذكرى 13 تشرين الاول هذا العام مع ذكرى الشهداء الذين سقطوا في معركة السيادة والحرية والاستقلال ، ولبنان يمر بوضع اقتصادي خطير وسياسي غير مستقر، مع تشنجات وصراعات داخلية على خلفية تنافس على المواقع والمصالح والنفوذ ، بالاضافة لما يتعرض له من ضغوط اقليمية ودولية ،تهدف باساسها الى تحجيم او انهاء دور حزب الله ، من خلال فك التحالف الإستراتيجي بين المقاومة من جهة وبين رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة اخرى ، هذا التحالف الذي شكل صمام الامان للدولة وللمقاومة ، بعد أن نما وتطوَّر انطلاقا من تفاهم مار مخايل ، وبقي ثابتا وقويا بالرغم من الكثير من الازمات العنيفة ، اعتبارا من عدوان تموز عام 2006 والحرب ضد العدو الاسرائيلي ، وامتدادا الى الحرب ضد الارهاب في لبنان ومحيطه ، والدور الاقليمي الذي لعبته المقاومة في حماية لبنان عبر البعد الاستباقي الاستراتيجي للمعركة ، وصولا الى معركة الضغط الحالية على حزب الله ومن خلاله على لبنان .

معركة (13 تشرين ) والتي إنتهت بخسارة عسكرية وأوقفت الحربَ التي خاضها فريقٌ واسعٌ من اللبنانيين المدنيين والعسكريين ، بقيادة العماد ميشال عون ، ضد الاحتلال السوري حينها ، تحت اسم حرب التحرير ، شكَّلت نقطة فاصلة في تاريخ التيار الوطني الحر ، وبعد أن صبغت مسيرته النضالية بما حملته من معاني رسمها الشهداء الذين سقطوا فيها ، أسست لانطلاقته كحزب وتيار لبناني سياسي ، فرض نفسه بداية وفي ظروف صعبة من الضغط والملاحقة لكوادره خلال حقبة الوصاية ، ولاحقا في الاستحقاقات الديمقراطية بعد عودة قائده ، وهو اليوم بما يمثل من السلطات الدستورية (رئاسة جمهورية ونواب ووزراء ) يشكِّل حلقة اساسية على الساحة السياسية لا يمكن تجاوزها .

اذن ، شهداء حرب التحرير ومسيرة رفاقهم النضالية بقيادة العماد ميشال عون ، هي التي اسست لفكرة التيار الوطني الحر بداية ، ولاحقا لهذا الموقف القوي الذي يلعبه هذا التيار اليوم ، اولا على الساحتين الاقليمية والدولية كعنصر اساسي في التركيبة الحاكمة ، ارست للبنان سياسة خارجية متميزة به ، بعد ان كانت لفترة طويلة مُغيّبة او مُقيَّدة ، وكداعم ومساند رئيس للمقاومة في مواجهة القوى التي تشنّ حربا شعواء عليها ، بسبب مواقفها ودورها الثابت والقوي في مواجهة العدو الاسرائيلي ، وفي مواجهة الارهاب الذي استهدف الكثير من الدول العربية وفي مقدمتها سوريا ، وثانيا لناحية موقعه القوي على الساحة الداخلية كلاعب اساسي في ادارة السلطة السياسية والادارية والعسكرية والامنية .

هذه الذكرى ( 13 تشرين الاول 1990 ) ، والتي تفقد الكثير من معانيها ومن قوتها اذا لم تكن تحت جناح ورعاية مؤسس وقائد مسيرة التحرير ( فخامة رئيس الجمهورية ) ، يجب ان تبقى كما كانت ، حاضنة لجميع من خاض هذه المسيرة بصعوباتها ومآسيها وخطورتها .

هذه الذكرى بمضمونها وبقيمتها ، تملك بما تحمل من تاريخ واهداف ، القدرة على استيعاب جميع اطيافها وابنائها وأبطالها ، تحت راية قيادة التيار الوطني الحر المؤتمنة على احتضان ورعاية هؤلاء جميعا ، والمؤتمنة على إكمال مسيرة العماد ميشال عون ، مهما كانت خلافاتهم ضيقة وحساباتهم شخصية ونزواتهم عابرة .

هذه الذكرى الغالية اليوم لتلك المسيرة الصعبة بالامس ، يجب أن تتجاوز الاختلاف بالنظرة وبالاسلوب وبالشكل ، لتثبت على المضمون وعلى المعنى الحقيقي لها ، فالانقسام في الذكرى بين رموز وأبطال معركة حرب التحرير والتي خاضها الجيش بقيادة العماد ميشال عون ، هو خيانة لدم الشهداء ، وقوة الذكرى انها لا يمكن أن تنقسم ، لان اهدافها واحدة ، ولان أبطالها هم أنفسهم الذين خرجوا من رحم المؤسسة العسكرية تحت النار والبارود والدم ، في اصعب واخطر مواجهة خاضها الجيش اللبناني في حينها .

من هنا تأتي اهمية ورمزية وضرورة الاحتفال مجتمعين وموحدين بذكرى شهداء حرب التحرير وشهداء 13 تشرين ، هذه الذكرى التي لا يكتمل الوفاء لها ولابطالها الشهداء الاّ اذا كانت جامِعة ، مُوَحِدَة ، لا انقسام ولا تشرذم بين ابطالها الذين خاضوها مع رفاق الامس - شهداء اليوم ، كتفا بكتف ويدا بيد وساعدا بساعد وبعد أن اختلطت دماءُ مصابيهم بدماءِ شهدائهم .