<
13 September 2019
اسوأ عهد رئاسي (بقلم رزق الله الحايك)

رزق الله الحايك – ناشط سياسي -

 علّق اللبنانيّيون آمالًا كبيرة على عهد الرئيس ميشال عون، وحلموا انه بمجرد وصوله سيكون قادرًا بسرعة قياسية على تحقيق قفزة نوعية في مختلف المجالات الحيوية، مما ينعكس مباشرة على كافة المؤشرات المعيشية.

وها قد مرّت نصف ولاية الرئيس والازمة الاقتصادية تشتد والمؤشرات الاقتصادية تراجعت، وانحسر النمو.
وقد وجد مناهضو العهد في الواقع الصعب فرصةً سهلة للهجوم على الرئيس ومحاولة تهميش صورته والتشكيك في كفاءته وتحريض الشعب عليه، مرتكزين على الصورة المرسومة في مخيلة الناس عن قدرات رئيس الجمهورية ودوره في النظام اللبناني، متجاهلين موقعه ودوره في النظام الدستوري البرلماني.
وقد لا يكون من المبالغ فيه القول ان من الحق المواطن ان يشتم ويكفر بمن اوصل الوضع الى ما هو عليه، لكن من واجب المواطنين توجيه الشتيمة الى من يتحمّل المسؤولية لا الى من يقاتل على كل الجبهات واحيانًا بأكثر مما يسمح له الدستور(مما يستجلب هجمات طائفية على الرئيس) لتوجيه دفة الدولة وتسوية الاوضاع.
فأولًا يجب تذكير الجميع انه لولا تحقيق الاستقرار الامني الذي يبقى الانجاز الاهم للرئيس عون لما كان لدينا اليوم ترف البحث في الاوضاع الاقتصادية بل كنا مازلنا في مرحلة الهاجس الامني والتفجيرات وذبح العسكريين.
اما فيما يتعلق بالاوضاع المعيشية، فعندما ينجز الفريق الرئاسي خطة ماكنزي ومشاريع استثمارية ممولة بفائدة رمزية ومشاريع المياه والنفط ويباشرون بخطة شاملة للنفايات وبتطبيق خطة الكهرباء المعرقلة منذ سنين رغم الاقرار باهميتها وشفافيتها،
وعندما تضع وزارة الطاقة يدها على مشاريع الصرف الصحي التي بقيت غير مكتملة منذ عشرات السنين،
وعندما تتجند وزارة الخارجية لتسويق الانتاج الزراعي في الخارج وترفع عدد الاسواق المستوردة لمنتجاتنا الزراعية وللصناعات الغذائية،
وعندما يفرض تكتل لبنان القوي رسوم لحماية الصناعات اللبنانية ويحارب من اجل خلق مدن صناعية ومناطق اقتصادية،
وعندما يحارب وزراء التيار لعودة النازحين ولرفع الرسوم على العمالة الاجنبية،
عندها تسقط حجة من يشتم العهد ويتهمه بالتقاعس عن العمل.
فصحيح ان المطلوب اكثر بكثير ولكن النظام الدستوري والسياسي اللبناني يفرض التعاون والتوافق بين جميع المكونات من خلال تشتيت المسؤوليات وتركيز معظم الصلاحيات في يد الوزراء منفردين، وبالتالي ينطبق المثل الشهير" ايد وحدها ما بتزقّف".
لذلك من الواجب التوجه الى الشعب بالملاحظة التالية:
اتريد ضمان الشيخوخة ونقل عام؟ اتصالات ارخص وبجودة اعلى؟ تريد ان تحصل على قرض مدعوم لشراء منزل؟
تريد وظائف واقتصاد مزدهر؟
ابحث عن الوزراء الذين من كلفهم الدستور هذه الوظائف ومنحهم سلطة اعلى من سلطة رئيس الجمهورية، لكنهم يتقاعسون عن القيام بواجبهم.
كل ما سبق لا يعني اعفاء رئيس الجمهورية وفريقه من مسؤولية معالجة الوضع الاقتصادي، لكن حتى في حال توافرت النية الحسنة عند كل الاطراف، يحتاج تصحيح الاوضاع الى اشهر وسنوات عديدة، فالاقتصاد الريعي المرتكز على الخدمات والمعادي للانتاج وغير الخالق لفرص العمل موجود منذ الاستقلال واصبح اكثر وقاحة ووحشية بعد الحرب واليوم نعاني بشكل غير مسبوق لاننا نعيش في ظل حرب اقتصادية عالمية من دون ان نتمتع بمناعة ذاتية تحمي اقتصادنا.
لذلك، من حقك ايها المواطن ان تشتم من افقرك ومن اوصل الحال الى ما هو عليه، لكن من واجبك ان تعرف الى من توجه شتيمتك