<
12 September 2019
الاتجاهات الحديثة لسياسات التنمية الإقتصادية ...

المحامي د. وسام صعب - 

في المرحلة الراهنة، تغيرت النظرة الى القطاع العام، الذي كان يعتبر العامل الاساسي في النمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وقد بدأ هذا الاقتناع يتراجع منذ بداية السبعينات ومطلع الثمانينات بحيث بدأ يتضح ضعف مؤسسات القطاع العام وإداؤه وبدأت الشكوك تثار حول مقدرة الحكومات لمواجهة العجز المالي في دولها وبالتالي تكيفها مع الصدمات التي قد تؤدي الى تدهور في الاوضاع الاقتصادية .

ومن هذا المنطلق، بدأت عملية إعادة تقييم لدور وحجم تدخل الدولة في الاقتصاد ونطاق هذا التدخل. بحيث حدثت تحولات مهمة في الموقف السياسي في السنوات الاخيرة وكانت جميعها تصب في اتجاه تقليص دور الدولة في الشأن الاقتصادي، وهكذا برزت مسألة التخصيص كأحد أهم الحلول المطروحة لدفع عجلة الاقتصاد وإحداث التنمية الشاملة وتسريعها .

وقد برزت مشكلات القطاع العام في كون انتجايته المنخفضة قد ساهمت الى حد كبير في تقليص حجم الاقتصاد الوطني لأسباب متعددة قد يكون أهمها مسألة الانفاق العشوائي وغياب أية خطط أو استراتيجيات اقتصادية ، هذا فضلًا عن التدخل السياسي الواضح في شؤون القطاع العام ، ومسألة التوظيف غير المجدي والفائض وما يحدثه هذا الأمر من ارتفاع في نفقات المؤسسات العامة، هذا عدا عن اختيار العناصر غير الكفوءة وغير المناسبة .

وقد برزت مسألة التخصيص في الدول المتعثرة اقتصاديًا كونه يشكل عاملًا اساسيًا في تخفيض العجز العام وتوفير موارد مالية إضافية للخزينة كما في تنشيط فعالية وكفاءة المنشآت العامة .

ومسألة التخصيص في لبنان سبق أن طرحت في مرحلة السبعينات كأحد الخيارات المتاحة في حينها، إلا أن الاسباب التي تدعو الى الإقدام عليه في المرحلة الراهنة تختلف جذريًا عن الاسباب التي دعت اليه في السابق، ذلك أن العجز الكبير والمتنامي في خزينة الدولة والموازنة العامة ، والدين العام ككل ، يطرح شكوكًا وعلامات استفهام حول مقدرة وأهلية القطاع العام لمواجهة كل ذلك ولتأمين متطلبات النمو اللازم للمرحلة المستقبلية للبنان .

ومن هنا ، فإن مسألة التخصيص في لبنان يجب أن لا تعالج أو تبحث من زاوية كونها هدفًا رئيسيًا، بل كوسيلة من الوسائل المتعددة والخيارات المطروحة أمامنا اليوم لتفعيل القطاع العام من جهة وتنشيط عمل القطاع الخاص من جهة اخرى، ودور كل منهما في عملية التنمية والنهوض .

غير أن عملية التخصيص في لبنان لاتزال تثير عند البعض العديد من المخاوف بالرغم من كونها قد تكون عاملًا اساسيًا للنهوض الاقتصادي اللبناني وتفعيله، وإن أهم تلك المخاوف قد تكون الخشية من أن تكتسب المنشآت المنوي تخصيصها ، مواقع احتكارية ، وهذا ماقد يسمح لهذه المنشآت برفع تعرفتها بشكل عشوائي من حين لآخر .

ولكن نحن في هذا الصدد لاندعو الدولة الى تصفية المنشأة العامة وبيعها للقطاع الخاص بشكل نهائي كما هو عليه الحال في الـ B.O.O بل الاجدى ان تتجه الدولة في هذا الخصوص الى الـ B.O.T بما يضمن تحويل المنشأة العامة الى مؤسسة كفوءة وذات انتاجية عالية ومن ثم اعادتها الى الدولة بعد فترة من الزمن .

فهل تكون الخصخصة الـ B.O.T جزءًا من الخطط الموضوعة لتعافي الخزينة اللبنانية المتهالكة والنهوض بالإقتصاد ووضعه على المسار الصحيح .