<
15 August 2019
المطران بولس عبد الساتر في القداس على نيّة فرنسا: الرجاء يجعل رقاد الشعب اللبناني انتقالًا.. على مثال العذراء مريم

ترأس راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر القدّاس الإلهيّ على نيّة فرنسا، في عيد انتقال العذراء، بحضور المطران بولس مطر ولفيف من الكهنة، والقائمة بأعمال السفارة الفرنسية سالينا غرونيه كاتالانو، الجنرال فريديريك بوشيه، النواب: ابراهيم كنعان، بيار بو عاصي، ألان عون، نديم الجميل، ماريو عون، وإدي أبي اللمع، نائب رئيس حزب الكتاب د. سليم الصايغ، رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير ممثلًا بالسيد أنطوان حبيب، الرئيسة العامة لجمعية الراهبات الأنطونيات الأم نزها الخوري، الرئيسة العامة لراهبات القديسة تيريزيا الطفل يسوع الأم بولين فارس، رئيس الرابطة المارونية النائب السابق نعمة الله أبي نصر، أمين عام اللجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار حارس شهاب، أمين عام اللجنة الوطنية الإسلامية المسيحية محمد السماك، أفراد السلك الدبلوماسي في السفارة الفرنسية في لبنان، وعدد من الفعاليات الدينية والاجتماعية والاعلامية.

وفي عظته، لفت المطران عبد الساتر إلى أنّ "الاحتفال بهذا العيد سويًّا هو تقليد راسخ يعكس الروابط التي تجمع الدولة الفرنسية ومطرانيّة بيروت المارونيّة، وهي روابط منسوجة ومُوَحّدَة على مَرِّ السنين."


وشدّد المطران عبد الساتر على أن قصّة مريم العذراء هي قصّة كلّ واحد منّا. "في الواقع، كانت مريم الصورة الكاملة لما أراده الله للخليقة البشريّة. فالإنسان يختبر يوميًا أيضًا كم أنّ حياته غير مستقرة ولكن ثمينة في الوقت عينه. هو بصراع دائم بين انجذابه الى العُلى، والإخفاقات والضعف اللذين يبقيانه هنا ويذكرانه بطبيعته الترابية. يعبّر القديس بولس عن هذا الصراع في رسالته الى مسيحيّي روما حين قال: "إرادة الخير حاضرة فيَّ، أما عمل الخير فلا، لأنّ الخير الذي أريده لا أفعله، والشرّ الذي لا أريده إيّاه أفعل" (روم 7، 18-19).


وتابع المطران عبد الساتر: "في مغامرة حياته، تسكن الانسان، ذاك المخلوق الذي يبحث دائمًا عن المزيد، رغبات لامتناهية، لأنه يرغب بالخلود. إلا أنه يصادف على درب إنجازاته عراقيل تعود إلى أمرين أساسيين: الموت والوجع اللذان يشكلان مصدرًا لحزنه. لكن عندما يكون المرء مؤمنًا، لا يفقد حزنُه الرجاءَ بل يقوده إلى تحويل حياته. الرجاء، وفقط الرجاء، يساعدنا على إدراك أنّ رقادنا ليس إلا انتقالًا نحو الحياة بالله، لأنّ الرجاء هو الذي سمح لنا أن نتقبّل الحياة رغم ظلمها، إخفاقاتها وجروحاتها. هو مصدر ال "نَعَم"، نعم مليئة بالفرح في قلب حزن النهاية. إنتقال العذراء مريم هو العلامة على أن رقادنا هو العتبة إلى ملء الحياة."


وتطرّق المطران عبد الساتر الى الواقع اللبناني، فاعتبر أن ما ينطبق على شخصٍ ينطبق أيضًا على مجموعة بشريّة وعلى بلد بأكمله. "فلبنان يتجاوز منذ بداياته مختلف أوضاعه الدقيقة، من إخفاقاته، تشققاته وضعفه، لكنّه لطالما رفض الرضوخ. فكلُّ مجتمع هو عرضة للخطر، ولكن علينا اتخاذ الموقف المناسب تجاه أوضاعنا الدقيقة. فالشعب اللبناني مدعو إلى الوقوف دائمًا بالرغم من أخطائه وإخفاقاته، ليشهد باستمرار على انه "رسالة حريّة ومثال للتعدّديّة للشرق كما للغرب". فهو يتمسّك إذًا بالرجاء الذي سيساعده على المثابرة بغية أن يكون رقاده في الوقت عينه انتقالًا."

 

مأدبة الغداء
وتلت القداس الالهي مأدبة غداء، ألقى خلالها المطران عبد الساتر كلمة شدّد فيها على الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا في الشرق كما في العالم، معتبرًا أنه "وسط المخاطر التي تتهدد الشرق الأوسط ومصيره، كنّا وما زلنا نعوّل على المبادئ الأساسية التي تحكم المواقف الفرنسية، ولاسيما حقّ جميع الشعوب في تقرير مصيرها. بالنسبة لفرنسا، كما للبنان، العدالة واحدة وغير قابلة للتجزئة.


ورأى المطران عبد الساتر أنه "لا يجب على أي شعب في منطقتنا أن يقبل الظلم الذي يلحق به. وإذا كان السلام رغبةً عالمية للبشرية، فلا يجوز أن يستثنى أيّ فردٍ من هذا السلام أو من هذه العدالة. على هذا المطلب المشترك للسلام والعدالة أن يتجاوز حدود التحالفات وموازين القوى، لثني التاريخ نحو أخوّة عالمية لا تعرف الحدود. ولهذا السبب، أعلت فرنسا شأن الحقوق العالمية للإنسان والمواطن، ولهذا السبب أيضًا، ننتظر دائمًا أن تلعب فرنسا، في الشرق كما في العالم، دور الوسيط، المنفتح على جميع الشعوب، بهدف المساعدة في تذليل الصعوبات.


وختم المطران عبد الساتر بالقول: "هذا الدور لفرنسا يشكل عاملًا أساسيًا في خيارنا بمحبّة هذا الوطن وشعبه. فصداقتنا مع فرنسا ليست مبنيّة على مصالح سياسية أو مادية، إنما هي قبل كلّ شيء إنسانية، نظرًا لتلاقينا على القيم المشتركة في الحق والحرية. فنحن أيضًا في لبنان، نلنا شرف أن نكون رسالة تعايش وأخوّة في محيطنا".