<
14 August 2019
الجبل ماذا بعد؟ (حبيب البستاني)

لقد بينت أحداث الجبل الأخيرة أن اللبنانيين ليس لهم إلا التفاهم في ما بينهم، فمهما عظمت المشاكل وأياً يكن شكل التدخلات وحجمها ومداها فإن ذلك لن يؤدي إلى الفلتان السياسي والأمني، ولكن ذلك لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، فاللعب علىى حافة الهاوية من شأنه ليس فقط زعزعة الاستقرار إنما ايضاً زعزعة الثقة بالبلد، وإذا كان الاستقرار شان داخلي يمكن معالجته، فإن الثقة هي شأن خارجي، تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين لاستعادتها.

 

لقد أثبت عهد العماد عون بما لا يقبل الشك أنه وبالرغم من خطورة الأزمات التي مر بها، ما زال هذا العهد ولا سيما رئيسه قادراً على استيعاب الأزمات وإيجاد الحلول الناجعة لها.


ونحن إذا ما استعرضنا كل أزمة على حدة لوجدنا أن كل واحدة منها كانت كافية للقضاء على البلد وعلى استقراره وعلى نظامه الديمقراطي، وإذا كان صحيحاً أن كل واحدة قد أخذت وقتاً طويلاً لإيجاد الحل الملائم لها، عانى خلاله البلد ما عاناه إن على المستوى الاقتصادي والأمني والسياسي، إنما تكلل ذلك كله بالنجاح. وهنا لا بد لنا من استعراض ثلاث أزمات كبار مرت على البلد :


1 الأزمة السياسية التي رافقت غياب الرئيس الحريري القسري عن البلد وما رافقها من تشنجات ومواقف سياسية حادة لم يشهد لبنان مثيلاً لها.
2 القانون الآنتخابي وما رافق ذلك من أخذ ورد وإن على المستوى السياسي، فاستطاع العهد بعناده من وضع قانون عصري للانتخابات هو الأول منذ فجر الاستقلال.
3 الموازنة العامة وهذه تعد إنجازاً كبيراً على مستوى ضبط مالية الدولة وقوننتها بعدما استمرت عمليات الصرف العشوائي تتم على القاعدة الإثني عشرية، ما كبد البلد هدراً بدون رقيب أوحسيب لفترة تجاوزت الإثني عشر عاماُ. وإذا كانت الموازنة الأخيرة لم تؤدي إلى تلبية حاجات اللبنانيين في النمو والإصلاح والتطور إنما هي قد وضعت الأسس العلمية والقواعد العملية لموازنة ٢۰٢۰ الواعدة.

 

فهل أن كل هذه المشاكل السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية منها هي مجرد صدفة بالتوقيت والنتائج، أم إنها تندرج من ضمن خطة ممنهجة للنيل من العهد ورئيسه؟


قد يجيب البعض عن سوء نية أو قلة إدراك لا فرق أن العهد أقله المحيطين به يستجلبون المشاكل وحتى أن البعض يذهب إلى حد القول أنهم يفتعلونها، فما صحة كل ذلك؟


في علم القانون الجنائي هنالك مقولة تقول " فتش عن المستفيد " وفي علم السياسة فإن هذه المقولة يمكن الركون إليها، فلا أحد يقوم بعمل لايعطيه مردوداً إيجابياً أو استفادة ما، يمكن صرفها إن على المستوى السياسي وإن على المستوى الشعبي، فما هو المردود الذي يمكن أن يجنيه العهد والمقربين من اختلاق المشاكل وضرب العهد إلا المردود السلبي.


ويبقى السؤال الذي يطرحه معظم اللبنانيين، إلى متى سيبقى العهد يتلقى الضربة تلو الضربة ووضع العصي في دواليبه لإفشاله أو اقله لإبطاء حركته ومنعه من تنفيذ أجندته الإصلاحية ومشاريعه التنموية؟ وما هو الحل؟

 

بخطىء من يظن أن الطامعين والطامحين وأعداء الوطن سيتوقفوا عن إداء دورهم الهدام وخططهم الرامية إلى:

• فرض التوطين على لبنان
• الحد من عملية عودة النازحين
• إعطاء البلد مقومات العيش لاستيعاب هذا العدد الكبير من اللاجئين والنازحين
• عدم إعطاء البلد مقومات الازدهار الاقتصادي
وهي خطة جهنمية تقوم على تيئييس اللبنانيين ودفعهم نحو الهجرة تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والأمنية واستبدالهم بشعوب أخرى.

 

فما هو الحل؟ وهل سنبقى نحن اللبنانيين نتلقى الضربات محاولين النهوض مرددين القول المأثور أننا مثل طائر الفينيق.
لم يعد مجدياً التباكي والبكاء على الأطلال واتباع سياسة " لا حول ولا " بل اصبح المطلوب " التشمير" عن السواعد وبدء العمل بلا كلل ولا ملل، وهذا الدور مطلوب من كل الوزراء لا سيما الوزراء المحسوبين على العهد، فالناس كل الناس باتت تريد أفعالاً وليس فقط أقوالاً، وأصبح لزاماً كي لا نقل مطلوباً من الجميع تبيان الإنجازات التي وحدها تروي عطش الشعب وتسد رمقه.


لقد شبع الناس خطباً رنانة ومواقف طنانة وهم باتوا يريدون خبزاً وماء ودواء وفرص عمل، لقد تم وضع الموازنة وتم إقرارها فعلى السادة الوزراء الإكثار من الأفعال والتقليل من الوعود، وتنفيذ الخطط الموضوعة بكل جد وشفافية.


إن هذا العهد ورئيس العهد يقوم بجهد جبار لتأمين الدعم السياسي والغطاء المعنوي وهو في كل مرة يضع من رصيده لاجتراح الحلول، فبالله عليكم ساعدوا أنفسكم ليساعدكم هذا الأب الذي يشبه إلى حد بعيد سنابل القمح التي تميل مع الريح ولا تنكسر.