<
01 August 2019
خاص - "دورة اليوبيل الماسي للاستقلال" تنضم إلى قافلة الأبطال في 1 آب 2019: دفاعاً عن لبنان العظيم!

لارا الهاشم -

 

في الأول من آب من كل عام يتخرج تلامذة ضباط من المدرسة الحربية وهم يحملون شعلة الوفاء لبلدهم وقسم التضحية حتى ولو بالدم. كلٌ منهم يختار المؤسسة التي يريد من خلالها الدفاع عن وطنه في وجه العدو والمحتلّ والمغتصب والمهيمن والفاسد. في كلّ أول من آب، يحمل تلامذة الدورة تسميةً مطبوعة بالشرف والتضحية والوفاء من محطات في مسيرة المؤسسة العسكرية. وبما أن الاستقلال لا يتحقق من دون جيش وطني، سيستحق خريجو دورة ال 2019 تسمية دورة "اليوبيل الماسي للاستقلال".


لا يحتاج الجيش اللبناني في يوم عيده إلى استذكار بطولاته التي لا تحصى ولا تعدّ، إن كان في الداخل أو على الحدود في وجه الإرهاب من أي جهة أتى. فالجيش اللبناني قد برهن على مرّ السنين أن هيكليته قادرة على الصمود رغم كل التحدّيات الأمنية والدولية، لأن عقيدته ثابتة وصلبة ولأن الخبرات التي راكمها بعزيمة أفراده رغم ضعف تجهيزاته، تجعله أقوى من كل النكسات التي حاولت النيل منه.

 

أما اليوم فالمؤسسة العسكرية تبرهن أكثر من أي وقت مضى أنها أقوى من كل المصاعب كونها تواجه تحديات أمنية واقتصادية على حد سواء.

 

أمنياً، يستمر الجيش في حفظ الأمن والاستقرار اللذين كلّف بهما منذ أوائل التسعينيات. و لعلّ أبرز التحديات التي يواجهها حالياً هو التصدي المستجدّ لأي محاولة لزعزعة أمن المخيمات الفسلطينية. وبعيداً عن التجاذبات السياسية أو الطموحات بالمناصب التي يحاول البعض زج قيادة الجيش بها، تركّز المؤسسة بتوجيهات من أعلى الهرم على التصدي للخلايا النائمة في الداخل التي لا تزال تشكل خطراً، إن من خلال العمل الاستخباري أو من خلال الجهوزية العسكرية. أما العين الساهرة على الحدود الجنوبية فلا تنام.

مؤسسة الجيش التي لم تبخل يوماً بالعطاء، تعمل في الوقت الراهن على تطوير قدراتها لتبقى السدّ المنيع في وجه أي تعدّ على السيادة اللبنانية. من هنا وضع قائد الجيش العماد جوزاف عون حجر الأساس لمدرسة القوات الخاصة في الشيخ طابا في عكار على أن يتم فصلها بعد انجازها خلال عامين، عن قاعدة حامات الجوية. يهدف نقلها إلى جعلها مدرسة ضخمة نموذجية، وفقاً لمعايير عالمية. هذه المدرسة التي سيتم تمويل بنائها من خلال هبات خارجية وفقا لمعلومات Tayyar.org ستضمّ فنادق لاستقبال الوفود الأجنبية العسكرية وستستقبل مسابقات عربية ثم دوليّة. أما الهدف من تعزيز قدرتها فيعود إلى دورها في تدريب كافة القوات الخاصة في الجيش اللبناني، بدءا من دورة المغاوير التي تشكل الأساس لانتقال العسكريين إلى غالبية الفروع والأفواج الخاصة. في هذه الدورة التي تعتبر الأقسى والأطول، يختبر العسكريون قدراتهم على تحمّل الضغوظ الجسديّة والنفسيّة حيث ينقطعون عن العالم الخارجي لأسابيع. في الموازاة يتم تدريبهم على الأمور التكتية لينتقلوا في المرحلة الأخيرة إلى تنفيذ الإغارات والدوريات الراجلة. في المدرسة عينها تجري دورات أفواج التدخل ومدرّب تدخل ومدرّب مغوار والدورات التخصصية المتقدّمة، كالقنص والمداهمة والتفجير إضافة إلى دورة قتال الأماكن المبنية التي يخضع لها كل عناصر الجيش اللبناني لأي سرية أو كتيبة انتموا. في مدرسة القوات الخاصة أيضا تم استحداث دورة المسعف الميداني التي سيعتمدها الجيش بشكل رسمي لكل الأفواج، وهي ستمكّن العنصر إلى جانب مهمته الخاصة، من تأمين الاسعافات الأولية للعنصر المصاب إلى حين سحبه بواسطة آلية أو طوافة لتلقي العلاج.


مدرسة القوات الخاصة هي جزء بسيط مما تسعى قيادة الجيش لتمكينه داخل المؤسسة ومن خلاله تعزيز طاقات عديدها، إنطلاقا من قناعتها بأن الاستثمار في الأمن هو استثمار في الاقتصاد. وهو ما يفسر الشعارات التي اختيرت هذا العام لإحياء عيد الجيش، حيث أضيف الانماء والأمن والإزدهار، إلى الشرف والتضحية.

 

وبالفعل، فعلى الصعيد الاقتصادي لم يبخل الجيش أيضاً بالنهوض بالوطن في ظل أزمته المالية. عدا عن السياسة التقشفية التي فرضتها عليه الحكومة والتي سبقها توفير تلقائي من قبل قائد الجيش العماد جوزاف عون لعشرين مليار ليرة لبنانية على خزينة الدولة العام الماضي، تعتمد القيادة الحالية سياستها الخاصة لتخفيض النفقات، من دون أن يقلّص ذلك جهوزيتها ومهامها على مستوى الوطن.


فعلى مستوى الفاتورة الطبية والصحية مثلا تم ربط المستشفيات الخاصة ب call center بفضل هبات مالية فردية، لمراقبة دخول المرضى العسكريين وعائلتهم الى المستشفيات المدنية وخروجهم منها. مع دخول أي عسكري أو فرد من عائلته إليها يتم الاتصال بالمركز حيث يكون هناك طبيب مناوب يعطي موافقته على الحالات التي تستدعي الدخول وهو ما سيخفض الفاتورة بحسب مصادر مطلعة ل tayyar.org. أضف إلى ذلك اعتماد سياسة التوفير في أسعار الأدوية التي يتم شراؤها. أما على مستوى سفر العسكريين فقد قرر قائد الجيش أن أي عسكري من رتبة عميد إلى قائد الجيش يسافر على الدرجة الاقتصادية وليس درجة رجال الأعمال، أما إذا أراد رفع الدرجة فعلى نفقته الخاصة. كما اعتمد القائد عدم ارسال أي عسكري للمشاركة بدورات في الخارج إلا إذا كانت الدولة المضيفة تتحمّل الكلفة الأكبر من الإقامة.

 

إذا بالجمع بين الحرفية العالية والمصداقية حصد الجيش ثقة المجتمع الدولي التي عكسها الانطباع الأميركي - البريطاني في الاجتماع الدوري التقييمي الذي عقد مؤخراً عند السلسلة الشرقية، حيث أبدى الجانبان إعجابهما بكيفية استخدام الجيش للمساعدات العسكرية التقنية. وبجمعِه بين التضحية والأمن راكم الجيش على مرّ السنوات الإجماع الوطني والثقة المحلية والحاضنة الشعبية.

 

لكن الأسمى من كل ذلك يبقى الوفاء لتلك الدماء التي عمَّدت تراب الوطن، ولأولئك الجرحى والمعوقين الذين أفنوا حياتهم في سبيل لبنان، ولكلّ التضحيات التي صانت السيادة بشرف. فلولاهم لما بقي أبطالٌ يناضلون حتى اليوم ولما بقي الإستقلال الذي يرتقي إلى سموّ بطولاتهم وتضحياتهم، أملاً لا حلماً.