يحقق مسؤولون في إيران فيما يعتقدون أنه حملة منسقة، بعد توالي البلاغات عن حرائق وانفجارات بشكل شبه يومي في البلاد. وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين إيرانيين، من بينهم عضو في الحرس الثوري، قولهم إنهم يعتقدون أن العديد من هذه الحوادث كانت أعمال تخريب.
وتابع أن المسؤولين ركزوا شكوكهم على إسرائيل، مشيرين إلى سجلها في تنفيذ عمليات سرية داخل إيران، بما في ذلك التفجيرات والاغتيالات.
وكان مسؤول كبير في الاستخبارات الإسرائيلية قد تعهد بمواصلة العمل داخل إيران، بعد حملة القصف الإسرائيلية التي استمرت 12 يوما الشهر الماضي ضد طهران.
وقال مسؤول أوروبي يتعامل مع إيران إنه قيّم أيضا هذه الهجمات على أنها أعمال تخريب ويشتبه بتورط إسرائيل، بناء على سجلها السابق داخل إيران، سواء كأسلوب من أساليب الحرب النفسية أو لاستهداف مواقع محددة.
ولم يقدم المسؤولون الإيرانيون أدلة تدعم شكوكهم، فيما أرجعت السلطات التي تحدثت علنا أسباب الانفجارات إلى أمور أخرى، مثل تسربات الغاز وحرائق القمامة والبنية التحتية القديمة.
ومع ذلك، لم تقدم السلطات تفسيرا مقنعا للجمهور حول سبب وقوع انفجارات غازية بمعدل واحد إلى اثنين يوميا في مختلف أنحاء البلاد.
ووقعت بعض الحوادث في مواقع بنية تحتية استراتيجية، مثل الحريق في مصفاة نفط رئيسية في مدينة عبادان جنوب البلاد يوم السبت، والذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة عدد من الأشخاص وتوقف خط إنتاج. بينما ساهمت حوادث أخرى، مثل الانفجارات في المباني السكنية والمصانع، في خلق شعور بالفوضى وعدم الاستقرار.
وتقول "نيويورك تايمز" إن السلطات الإيرانية تترد في إعلان شكوكها بشأن احتمال تورط إسرائيل، لأنهم لا يريدون وضع أنفسهم في موقف يجبرهم على الرد.
وتضررت قدرات الدفاع الجوي والإطلاق الصاروخي، إضافة إلى القواعد العسكرية والمنشآت النووية الإيرانية، بشدة خلال الحرب الشهر الماضي.
وعلى الرغم من أن إيران احتفظت بقدرتها على إطلاق صواريخ باليستية على إسرائيل حتى الساعات الأخيرة قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فإن استئناف الحرب يهدد بإضعاف القدرات العسكرية الإيرانية أكثر.
وكان جهاز المخابرات الإسرائيلي، الموساد، قد أوضح أنه سيواصل تنفيذ عملياته في إيران حتى بعد وقف إطلاق النار.
وفي يونيو الماضي، أكد مدير الموساد بخطاب علني نادر احتفى فيه بإنجازات الوكالة داخل إيران، قائلا: "سنكون هناك، تماما كما كنا حتى الآن".
وفي العلن، سعت إيران إلى تفسير هذه الحرائق. ففي بعض الحالات، مثل الحريق في شمال شرق إيران قرب مطار مشهد الدولي، قالت السلطات الإيرانية إنها كانت تقوم بـ"حرق أعشاب مسيطر عليه"، وعزت حريقًا في طهران إلى حريق قمامة. لكن في معظم الحالات، ألقت السلطات باللوم على تسربات الغاز.
وقال مدير إدارة الإطفاء والسلامة العامة في طهران، قدرت الله محمدي، لوسائل الإعلام الرسمية إن أسباب هذه التسربات تعود إلى "معدات متهالكة، واستخدام أجهزة غاز دون المستوى المطلوب، وعدم الالتزام بمبادئ السلامة".
وكانت بعض الانفجارات التي ضربت المباني السكنية قوية لدرجة أنها أرسلت أعمدة دخان ضخمة في السماء وأدت إلى انهيار الجدران والأسقف.
وقال عضو الحرس الثوري إن الأثر التراكمي للانفجارات شبه اليومية، أدى إلى تزايد القلق بين المسؤولين والسكان الإيرانيين عموما.
وقال خبير الشأن الإيراني في مؤسسة أبحاث في واشنطن، أميد ميماريان: "السجل الطويل للنظام الإيراني في التستر وانعدام الشفافية، إلى جانب ردوده الغامضة، زاد من مخاوف وشكوك العامة". وأضاف: "الناس يدركون أن النظام غالبًا ما يقلل من شأن الهجمات الإسرائيلية أو ينكرها".
وفي ظل غياب أي اعتراف رسمي بما يبدو للكثير من السكان وكأنه هجمات منسقة، تساءل البعض عما إذا كانت الحرب قد انتهت فعلاً.
كما تساءل كثير من الإيرانيين عن ملابسات وفاة العميد غلام حسين غيب برور، الذي كان نائبا لقائد الحرس الثوري، وأشرف على قاعدة عسكرية في طهران مسؤولة عن قمع احتجاجات نسائية في عام 2021.
ووفقا لإعلان وفاته على وسائل الإعلام الرسمية، فقد توفي نتيجة مضاعفات لإصابات من أسلحة كيميائية تعود إلى الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات، وقد تفاقمت هذه الإصابات بسبب التوتر الناتج عن الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
وحاول المسؤولون تهدئة القلق العام بطرق مختلفة. فقد نشرت شركة الغاز الوطنية إحصاءات تقول إنها تظهر عدم حدوث زيادة ملحوظة في الانفجارات الناتجة عن تسربات الغاز هذا العام مقارنة بالعام الماضي.
ودعت بلدية طهران شركة الغاز ووزارة الطاقة إلى تقديم تقارير حول "الإجراءات والتطورات الأخيرة"، ووصفت ذلك بأنه مناقشة للوضع في ظل "ظروف عادية".