الأخبار: ما لم يتّصل مُتحدّثٌ سعودي بالنواب ويطلب إليهم عدم حضور الجلسة التشريعية المُقرّرة اليوم، فإن النصاب اللازم لانعقادها بات مؤمّناً، وبرقمٍ أعلى من الحدّ الأدنى المطلوب.
هذه هي الحصيلة التي توصّل إليها كل المتابعين لاتصالات يوم أمس، وفي مقدّمهم الرئيس نبيه بري، إذ حصل الأخير على ردود إيجابية من غالبية نيابية وازنة، شملت إضافة إلى حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، كلاً من الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة وتكتّل الاعتدال الوطني وجمعية المشاريع والجماعة الإسلامية، ومع هؤلاء عدد وافر من النواب المستقلّين، بمن فيهم بعض الذين غادروا التيار الوطني الحر.
ونظراً إلى هذه الأجواء، بادرت «القوات اللبنانية» منذ صباح أمس إلى إطلاق حملة سياسية واسعة تولّاها قائدها سمير جعجع شخصياً وعدد من نوابه، وتبيّن أن جعجع استبقها باتصالات مع المسؤول السعودي عن ملف لبنان يزيد بن فرحان، طالباً إليه التدخّل لمنع النواب من المشاركة، معتبراً أن انعقاد الجلسة من دون بحث قانون الانتخابات النيابية ضربة كبيرة لـ«المشروع السيادي الذي يريد تعزيز قوته في الانتخابات النيابية المقبلة في إطار معركة التخلّص من حزب الله».
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن جهات أخرى تواصلت مع الجانب السعودي، ولا سيما أن السفير وليد البخاري سافر أمس، وربما توجّه إلى باريس، للمشاركة في الاجتماع الخاص بالجيش اللبناني. لكنّ متّصلين بالرياض، نقلوا كلاماً سعودياً مفاده أن السعودية لن تدخل في هذا الملف. وتبيّن أن رئيس الجمهورية جوزيف عون لعب دوراً في الدفع نحو عقد الجلسة، ومثله فعل رئيس الحكومة نواف سلام الذي أبلغ نواب الشمال أن انعقاد الجلسة سيساهم في إقرار قوانين تخصّ الناس جميعاً، وبينها ما يتعلق بإطلاق ورشة تشغيل مطار القليعات.
وعبّر نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب عن موقف رئيس الجمهورية بعد زيارته لبعبدا، إذ قال، إن رئيس الجمهورية يحثّ جميع النواب على المساهمة في إنجاز إقرار قوانين لا يمكن للبلاد أن تسير من دونها. وعُلم أن بعض النواب المستقلّين استفسروا من دوائر القصر الجمهوري عن الأمر، فحصلوا على أجوبة تدعوهم إلى المشاركة في جلسة اليوم. وقالت مصادر مطّلعة، إن الحديث يشمل ضمناً بعض نواب «قوى التغيير».
عون دعا النواب إلى «وقف تعطيل المؤسّسات» وسلام أبلغ نواب الشمال أن مصير مطار القليعات مرهون بجلسة اليوم
عملياً، في حال سارت الأمور على النحو الذي تردّد مساء أمس، فإن انعقاد الجلسة، سيسمح بإقرار مجموعة من القوانين، من دون مناقشة مشروع القانون المُقدّم من الحكومة بشأن الانتخابات النيابية. وفي هذه الحالة، يتوقّع أن لا يعود المجلس إلى الانعقاد قبل نهاية السنة الحالية، ليركّز مع مطلع السنة الجديدة على دراسة الموازنة العامة. وبالتالي، فإن العودة إلى البحث في ملف الانتخابات ستتأخّر إلى منتصف شباط المقبل على أقل تقدير.
وعندها، فإن أي تعديل على القانون الساري، سيدفع حكماً إلى تمديد المهل الخاصة بتسجيل الناخبين. وهو أمر قال وزير الداخلية أحمد الحجار، إنه يحتاج إلى شهرين على الأقل، لأن هناك مهمة كبيرة تقع على عاتق الوزارة، لإعادة التدقيق في لوائح الشطب. ويعني ذلك أن تنفيذ القانون سيتأخر، لأنه سيتم تأجيل دعوة الهيئات الناخبة لأسابيع، ما سيفرض تأجيلاً للانتخابات، وعندها ستكون البلاد أمام بازار سياسي جديد.
في هذا السياق، عُلم أن بري ومعه كتل بارزة، يفترضون أن التأجيل يجب أن يكون رهن قانون جديد يصدر عن مجلس النواب، وأن الأمر يحتمل هذه المرة توفير توافق سياسي وطني على إلغاء المقاعد الستة للمغتربين مقابل إلغاء تصويتهم من خارج لبنان. وعندها، لن يعارض بري وحلفاؤه «التأجيل التقني» إلى منتصف الصيف المقبل، حيث سيكون بمقدور القوى السياسية تحشيد ناخبيها المغتربين، وتأمين انتقالهم إلى لبنان.
وكان جعجع شنّ حملة اتّهم فيها كل نائب يؤمّن نصاب جلسة اليوم بخيانة الأمانة. وبدا تصريح النائب ميشال معوض مساء أمس مُضحِكاً، لمحاولته تقمّص شخصية جعجع، إذ اعتبر أن حضور أي نائب للجلسة، يُعدّ «تآمراً وخضوعاً، لا بل خطيئة وطنية». وكان تركيز «القوات» وحزب الكتائب ومستقلّين من بينهم معوض، على الضغط بعد صدور بيان تكتل الاعتدال الوطني الذي أعلن أنه «قرّر إعطاء فرصة جديدة للوصول إلى تسوية»، من خلال حضور الجلسة التشريعية، واضعاً خطوته في إطار منع «الاستمرار في مسار التعطيل وتحميل البلد تبعات عدم إقرار القوانين التي تهمّ المواطن اللبناني (...) وحرصاً على عدم تعطيل المؤسسة التشريعية».
يُذكر أن نواب التكتل عبّروا مباشرة عن أنهم أصحاب مصلحة في إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي يُعتبر أساساً لإطلاق ورشة مطار القليعات. وقال عضو في التكتل، إن «على جعجع أن يعلم أن مشكلته ليست معنا، وأن عليه مراجعة الرئيسين عون وسلام قبل الحديث مع الآخرين».
