A
+A
-خاص tayyar.org -
تفرض الدينامية الأميركية نفسها بوصفها عامل الضبط الأكثر تأثيراً في المرحلة الراهنة، في ظل تداخل ساحات التوتر بين لبنان وسوريا وغزة. فواشنطن تعمل على منع انتقال الصراع من حالة الاشتباك المحسوب إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، عبر إدارة دقيقة لإيقاع التصعيد الإسرائيلي، وربط المسارات الحدودية بمقاربة سياسية أشمل. في هذا السياق، تكتسب زيارة السفير توم برّاك إلى إسرائيل بعداً يتجاوز طابعها الديبلوماسي التقليدي، إذ تعكس انتقال الملف اللبناني ـ السوري إلى مستوى القرار السياسي المباشر في تل أبيب وواشنطن.
تكمن الدلالة الأبرز للزيارة في انعقادها على مستوى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وما رافقها من تأجيل جلسة محاكمته، وهو مؤشر إلى حساسية التفاهمات الأمنية المطروحة، وارتباطها بحسابات داخلية وخارجية متشابكة. كما تشير المعطيات إلى أن الزيارة تندرج ضمن التحضير للمرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترامب المؤلفة من 20 بنداً لإنهاء حرب غزة، مما يعني أن المساحة اللبنانية تُدار كجزء من سلّة إقليمية واحدة لا كملف مستقل.
لا ريب أن حادثة بلدة يانوح الجنوبية شكّلت اختباراً عملياً لهذا الدور الأميركي، بعدما أُوقف تنفيذ غارة إسرائيلية في اللحظات الأخيرة بضغط مباشر من واشنطن. ويُنظر إلى هذه الواقعة كرسالة مزدوجة: إلى إسرائيل بضرورة الالتزام بسقف اشتباك مضبوط، وإلى لبنان بأن نافذة الاحتواء لا تزال قائمة، لكنها ضيقة، ومرتبطة بتوازن دقيق قابل للاهتزاز في أي لحظة.
