انتهت زيارة البابا لاوون الرابع عشر التي حملت معها الكثير من المعاني والإشارات المُفعمة بالرجاء والأمل. ففي كل زيارة باباوية يبقى الرجاء موجوداً لتثبيت الإيمان بلبنان وتجربته في التنوع والحريات واحترام الآخر المختلف، على الرغم من أن هذه التجربة لم تنجح حتى الساعة في بناء دولة متماسكة على الرغم من كل فرادتها في المشرق والعالم العربي.
ومع اختتام زيارة البابا، عادت الأسئلة المحفوفة بالقلق والمخاطر لتخيّم فوق لبنان الرسمي والشعبي.
اليوم الأخير في زيارة البابا حمل معه جولة له على دير الصليب في بقنايا، فيما قدّم صلاة صامتة مؤثرة أمام ضحايا انفجار مرفأ بيروت. أما القداس المركزي في وسط بيروت والذي شهد مشاركة سياسية وشعبية حاشدة، فقد وجه من خلاله البابا إشارات متعددة، فقد شدد على أهمية أن يكون لبنان علامة للسلام في المشرق، معرباً عن تحسسه ما يمر به لبنان من أزمة اقتصادية خانقة، في "ظل الوضع السياسي الهش".
ومن المطار شكرَ البابا لبنان والشعب اللبناني والمناطق اللبنانية ومن ضمنها الجنوب، الذي لفتَ إلى أنه يعاني من الصراع. وشدد البابا على ضرورة أن "تَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائية"، مؤكداً: "لا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة، فالأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني".
ومع انتهاء زيارة البابا، ينتظر لبنان قدوم الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، مع بعثة سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لمعاينة الوضع في الجنوب ككل. ولذلك يحاول لبنان أن يتلمس من أورتاغوس ما إذا كانت هناك رسائل أو أجوبة سواء جديدة أو قديمة، على ما أعلنه لبنان من استعداد للتفاوض.
تزامناً، لم تهدر إسرائيل الوقت، ففور مغادرة البابا عادت المسيّرات إلى الأجواء اللبناني وحلقت على ارتفاع منخفض من الجنوب إلى البقاع.
وفي هذا الوقت يبقى السؤال موجهاً إلى السلطة اللبنانية ككل، حول عدم مبادرتها إلى صياغة استراتيجية أمن قومي كما وعدت، وذلك للتعاطي مع الوضع الصعب الذي يهدد بحرب على لبنان. فأقله تستطيع السلطة ومن ضمن هذه الإستراتيجية، أن تبادر إلى تحرك سياسي – دبلوماسي في اتجاه الدول الغربية والعربية لمحاولة تجنب الأسوأ الذي يخيّم على لبنان بسبب العدوانية الإسرائيلية.
