A
+A
-تشير المناورات الإسرائيلية الأخيرة في الجليل الشرقي إلى "انتقال تل أبيب من مرحلة الاحتواء المتوتر إلى مرحلة الاستثمار في التصعيد المحسوب"، وفق مصادر ديبلوماسية، في لحظة إقليمية تتشابك فيها رسائل القوة مع محاولات تثبيت قواعد اشتباك جديدة. فبدلاً من الاكتفاء بردّ أمني على اغتيال القائد العسكري هيثم الطبطبائي، اختارت إسرائيل توظيف العملية كمدخل لإعادة تعريف البيئة الاستراتيجية على الحدود الشمالية، عبر مقاربة تدمج الضغط العسكري مع الاختبار السياسي للطرف الآخر.
اللافت في المناورات ليس حجمها بقدر ما هو السياق الذي جاءت فيه. فإسرائيل لا تبحث فقط عن إظهار جاهزية عملياتية، بل تريد تعويض تراجع الردع منذ سنة 2023 من خلال تكريس فكرة أن الشمال لم يعد ساحة مؤجلة. بهذا المعنى، تبدو المناورات اختبارًا مبكرًا لقدرة الجيش الإسرائيلي على فرض إيقاع جديد، يربط بين تحركاته الميدانية وبين أي مسار ديبلوماسي محتمل ترعاه القوى الدولية.
لبنانياً، تضع التطورات حزب الله أمام معادلة دقيقة: الحفاظ على الردع من دون فتح الباب أمام مواجهة شاملة لا يريدها الداخل اللبناني ولا الإقليم. وفي المقابل، تراهن إسرائيل على أن الضغوط المتراكمة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، كفيلة بتضييق هامش حركة الحزب.
بذلك، تعكس المناورات محاولة إسرائيلية لصياغة مرحلة انتقالية: لا حرب شاملة ولا تهدئة مستقرة، بل إدارة توتر طويلة تُبقي زمام المبادرة بيدها حتى إشعار آخر.
