الأنباء الكويتية: بيروت: زينة طبارة-
قال النائب السابق مستشار الرئيس السابق ميشال عون للشؤون الروسية أمل أبو زيد في حديث إلى «الأنباء»: «صحيح ان لبنان احتفل يوم أمس بالذكرى 82 لاستقلاله عن فرنسا (1943)، وصحيح ان اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم السياسية يجمعون على ان لبنان دولة سيدة مستقلة، الا ان المشكلة الحقيقية التي تواجهنا كلبنانيين متمسكين بالاستقلال حتى الرمق الاخير، اننا نعيش في منطقة سرعان ما تتسلل التطورات السياسية والتوترات الأمنية والعسكرية الدائمة والمتواصلة فيها، إلى الداخل اللبناني نتيجة التدخلات الخارجية في شؤون لبنان وشجونه، ونتيجة التحاق بعض الفرقاء في الداخل بركب سياسات إقليمية ودولية معينة، الأمر الذي ترك انطباعا بأن الاستقلال اللبناني هو في النصوص أكثر منه في الحقيقة والواقع».
وأضاف: «الاستقلال الفعلي بيد اللبنانيين وحدهم، وانجازه يكمن في وحدتهم وانتمائهم إلى الدولة اللبنانية لا غير، خصوصا انه من شأن التعددية الطائفية في لبنان ان تقدم للعالم أجمل النماذج الحضارية عن العيش المشترك المنظم دستوريا بين المسلمين والمسيحيين، لكن ما تبين على أرض الواقع طوال السنوات المنصرمة منذ النكبة الفلسطينية (1948) حتى تاريخه، ان اللبنانيين جماعات تتحكم بها الأنانيات والأطماع السياسية، والتمسك بالسلطة، وتغليب المصالح الطائفية والمذهبية والمناطقية على المصلحة الوطنية العليا الجامعة لكل اللبنانيين. وبالتالي المواطنية بمجرد شعار وعناوين خطابية أكثر مما هي التزام وممارسة، ناهيك عن ان الصراع الدائم مع إسرائيل لاسيما الحرب الأخيرة، قسم لبنان إلى مساحات متناقضة في الرؤية والتوجه والاهداف».
وتابع: «تشكل مؤسسة الجيش اللبناني والى جانبها كل القوى الأمنية على اختلاف ادوارها ومهامها، رمز الاستقلال والملاذ الوحيد في صون وحماية السيادة اللبنانية، لاسيما وانها بالشكل والمضمون مدرسة في الوحدة الوطنية وفي الابتعاد عن الصراعات والتجاذبات السياسية والطائفية. ومن المؤسف بالتالي ان نراها تتعرض لأبشع وأعنف وأعتى الحملات السياسية على المستوى الدولي، والتي تستهدف وحدته ودوره ومناقبية قياداته وفي طليعتهم القائد العماد رودولف هيكل، ناهيك عما سمعناه خلال اليومين الأخيرين من تهديد ووعيد ضد رئيس الجمهورية جوزف عون وقائد الجيش رودولف هيكل على خلفية توقيف أحد المطلوبين محليا وعربيا ودوليا بجرائم الاتجار بالمخدرات والممنوعات، مع الإشارة إلى ان الجيش لا يتصرف من عندياته بل يأتمر بالسلطة التنفيذية ويلتزم بتنفيد مقرراتها. من هنا التأكيد القاطع ان الحملات السياسية المساقة ضد الجيش قيادة وضباطا عن سابق تصور وتصميم، قوامها التجني والافتراء والحاق المظلومية به ليس الا، وهذا يعني ان المطلوب في خلفية استهداف الجيش سواء من قبل جهات خارجية أم من قبل عصابات المخدرات والاتجار بالممنوعات في لبنان، وضعه في مواجهة مع شعبه وناسه وأهله الذين يشكلون صلب ونواة ألويته ووحداته».
وردا على سؤال، قال أبو زيد: «جميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين يريدون حصرية السلاح بيد الدولة، ويتطلعون إلى لبنان الدولة القوية القادرة على حماية السيادة من الاعتداءات الخارجية لاسيما الإسرائيلية منها. وحتى الثنائي الشيعي يريد قيام الدولة ويعتبر الجيش اللبناني والقوى الأمنية ضمانة لبنان، انما ضمن ظروف مؤاتية امنيا وسياسيا، لاسيما على مستوى الصراع مع إسرائيل، الا ان الدس الذي تكلم عنه فخامة الرئيس، حقيقي ويراد في خلفياته دفع الجيش إلى مغامرات غير محسوبة النتائج، تحت عنوان سحب السلاح وتفتيش المنازل في جنوب الليطاني وشماله، مع الإشارة إلى التناقض الكبير بين تنويه لجنة الميكانيزم والمبعوث الأميركي السابق توماس باراك بإنجازات الجيش اللبناني في جنوب الليطاني على كامل الاراضي اللبنانية، وبين اتهامه في الوقت عينه بالتقصير من قبل قادة وادارات خارجية متماهية مع المصلحة الإسرائيلية، انها لعبة الناقض والمنقوض في توجيه الرسائل وسوق الامور باتجاه أزمات لا تحمد عقباها».
وختم بالقول: «من المستبعد ان تصل المواقف الأميركية الأخيرة إلى حد وقف المساعدات للجيش اللبناني، لكني احذر من تداعيات استهداف الجيش واتهامه زورا، تارة بالتقصير وطورا بالانحياز لفريق دون الآخر، لان المردود من استهدافه سيكون كارثيا ليس فقط على الداخل اللبناني، بل على عملية السلام في المنطقة التي تقودها الإدارة الأميركية».
