الديار: كمال ذبيان-
بادر قائد الجيش العماد رودولف هيكل الى ارجاء زيارته الى اميركا، التي كان سيبدأها امس، بعد ان وصلته معلومات بان واشنطن عدّلت في برنامج لقاءاته، فالغت منها اجتماعات مع اعضاء في الكونغرس الاميركي ومسؤولين اميركيين، لا سيما منهم في وزارة الدفاع وقيادات عسكرية، فرأى هيكل بان لا معنى لزيارته التي تهدف تعزيز قدرات الجيش، كقوة عسكرية وحيدة على الارض اللبنانية، وتنفيذ قرار الحكومة بحصرية السلاح في يد الدولة فقط.
ولم يكن قرار الادارة الاميركية بتحجيم زيارة العماد هيكل، الا رسالة له كقائد جيش والى لبنان، عن عدم رضاها على اداء الجيش تجاه نزع سلاح حزب الله، فقد استاءت من الخطة التنفيذية التي قدمها للحكومة في 5 ايلول الماضي، حول مراحل حصر السلاح، حيث تلقى من مسؤولين اميركيين تنديداً بموقفه الذي يساير فيه حزب الله، بدلاً من ان يذهب الى الصدام معه، وهذا ما عبّر الموفد الاميركي الى لبنان توم براك بقوله، ان تسليح الجيش اميركياً له هدف، وهو مقاتلة حزب الله وليس «اسرائيل».
فقائد الجيش، كما رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي كان قائداً للجيش، يتعرضان لحملات ولضغوطات اميركية، يشارك في بعضها لبنانيونيحرضون على الرئيس عون والعماد هيكل، وهذا ما اعلنه صراحة رئيس الجمهورية، الذي يُحاسب على ما طلبه من قائد الجيش التصدي لاي توغل للعدو الاسرائيلي في لبنان، وهذا ما لم يرق للادارة الاميركية، ولاطراف لبنانية داخلية رفضت زج الجيش بمواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي، وفق ما تكشف مصادر مطلعة، التي تشير الى ان الضغوطات الاميركية ستتصاعد على لبنان، من كل النواحي المالية والاقتصادية والسياسية، للوصول الى اعطاء ضوء اخضر اميركي للعدو الاسرايلي، بشن حرب او القيام بعملية عسكرية واسعة ضد لبنان، بعد ان تلكأ الجيش في القيام بنزع سلاح حزب الله، ولم يصل بعد الى 40% منه، والوقت يضيق عليه كما يقول «الاسرائيليون» ويوافقهم الاميركيون، الذين اعطوا مهلة حتى نهاية العام.
ولا ترغب واشنطن ان تفتح ابوابها لقائد جيش، الذي يسمي «اسرائيل» بالعدو، ويوجه عسكره ليمارس عقيدته القتالية ضد جيش الاحتلال، وفعل ذلك في احداث عدة عند الشريط الحدودي، حيث تصدى فيها ضباط وعناصر من الجيش اللبناني للعدو الاسرائيلي، عندما كان يخرق السيادة اللبنانية، ويتجاوز الخط الازرق، وسقط له شهداء وجرحى.
مثل هذا الجيش في لبنان لا تريده اميركا، ولا تستقبل قائده، اذا لم ينقلب على قسمه العسكري، الذي يطالبه بالزود عن وطنه لبنان، وهذا ما يفسر تقييد زيارته اليها. ولم تشأ قيادة الجيش التعليق على هذا الموضوع، وسيكون لها بيان رسمي اذا ارتأى العماد هيكل ذلك.
لكن مصادر وزارة الدفاع تتحدث عن تأجيل الزيارة لا الغائها، لان العلاقة بين الجيش اللبناني واميركا قديمة ولم تنقطع، الا في فترات معينة، اثناء الوجود العسكري السوري في لبنان، الذي كان الجيش يرسل دورات الى سوريا، التي ساعدته في مرحلة ما بعد الحرب الاهلية على اعادة توحيده وتسليحه، ولم تكن واشنطن راضية عن هذا السلوك، وتقف ضد اي تسليح للجيش من خارجها، بعد ان عرضت دول ذلك، لا سيما روسيا وايران.
والموقف الاميركي السلبي من الجيش اللبناني، والذي استجد مؤخراً، عبّر عنه عضو الكونغرس الاميركي ليندسي غراهام، بالاشارة الى ان الاستثمار الاميركي في الجيش اللبناني غير مربح ولا فائدة منه، بعد ان اقر الكونغرس الاميركي مبلغ 193 مليون دولار كمساعدة اميركية للجيش، الذي يُراد منه ان لا يوجه سلاحه الى الكيان الصهيوني، بل الى كل من يحاول ان يرفع سلاحه بوجه «اسرائيل»، وفق ما تفسر مصادر حزبية حليفة لحزب الله.
واكدت المصادر ان الضغوطات الاميركية على لبنان حصلت، لان اميركا وحلفاء لها في لبنان يرفضون معادلة او مقولة «جيش وشعب ومقاومة»، فهم لا يريدون مقاومة، بل جيش يأتمر بقرار السلم من الحكومة لا قرار الحرب، وكما تريد اميركا من لبنان، الذي لم يمتثل رئيس الجمهورية وقائد الجيش لشروطها، فوضعتهما على لائحة غير المرغوب بهما، واعطت اشارات عدة، ومنها عدم استقبال الرئيس الاميركي دونالد ترامب للرئيس عون، وهو استقبل الرئيس السوري المؤقت احمد الشرع، واهتم به ومازحه ورش عليه المديح والعطر، لان الشرع سار في المشروع الاميركي بالتفاوض المباشر مع «اسرائيل»، وهو ما لم يقبله لبنان.
