عماد مرمل -
باتت المعركة حول تعديل مادة تصويت المغتربين في قانون الانتخاب تتخذ طابع كسر العظم بين مؤيدي التعديل ومعارضيه، بفعل تأثيرها على موازين القوى السياسية وتركيبة المجلس المقبل.
لم يعد الصوت الإغترابي مجرد ترف او اكسسوار انتخابي، بل تحوّل سلاحاً كاسراً للتوازن، تسعى القوى المعارضة لـ«الثنائي الشيعي» إلى استخدامه ضدّ خصومها الذين لا يملكون القدرة نفسها على الاستفادة منه، بفعل الواقع السياسي السائد في دول الانتشار.
من هنا، تستشرس «القوات اللبنانية» والكتائب وشخصيات وجهات حليفة لهما، في محاولة إمرار التعديل القاضي بمنح المغتربين حق الاقتراع للنواب الـ128، بينما يرفض «الثنائي» وحلفاؤه إبداء أي تساهل حيال هذا الأمر، لمعرفتهم بتداعياته وانعكاساته على نتائج الانتخابات النيابية المقبلة.
وليس هناك حتى الآن أي مؤشر يوحي بأنّ «الثنائي» في وارد التراجع عن موقفه، تحت وطأة الهجوم العنيف الذي يشنّه أنصار السماح للمغتربين بالتصويت لنواب الداخل، تارةً عبر الحملات السياسية ومقاطعة التشريع، وطوراً من خلال الضغط على رئيسي الجمهورية والحكومة لاستمالتهما نحوهم.
ولم يعد خافياً انّ حركة «امل» و«حزب الله» يعتبران انّ المواجهة حول الصوت الإغترابي هي مفصلية بالنسبة إليهما، ولن يتركا أحداً «ياكلن رأسن» تحت شعار حماية حقوق المنتشرين، وفق ما يوحي به القريبون منهما.
وتشدّد مصادر «الثنائي» على أنّ قانون الانتخاب ليس قانوناً عادياً، بل هو يتصل بتكوين السلطة وبإرساء توازنات سياسية لمدة اربع سنوات آتية، وبالتالي من الأفضل أن يخضع أي تعديل له إلى التوافق او شبه الإجماع وليس إلى مفهوم الأكثرية والأقلية.
وتلفت المصادر، إلى انّ هناك قضايا شديدة الحساسية والدقة يتطلّب التعاطي معها مقداراً عالياً من المسؤولية، بمعزل عن لعبة الأرقام، تماماً كما فعل «الثنائي» والرئيس نبيه بري في تعاملهما مع الانتخابات البلدية في بيروت، حيث أصرّا على ضمان المناصفة في المجلس البلدي للعاصمة، وكان لهما الدور الأساس في حمايتها، على رغم من انّ الواقع الديموغرافي مغاير، ولو تُرك له أن ينعكس في صناديق الاقتراع لاختلّت المناصفة.
وتعتبر المصادر، انّ الفريق الآخر يحاول الاستثمار على الضغوط الخارجية والتحولات الإقليمية ليصرفها في الانتخابات النيابية، ويفرض معادلات جديدة في السياسة، مشيرة إلى أنّ هناك من يريد الاستقواء بعضلات سواه على مكوّن داخلي.
وتلفت المصادر، إلى انّ اقتراع المغتربين للنواب الـ128 في ظل القيود المفروضة على «الثنائي» وناخبيه في الخارج، إنما هو أمر شبيه بإجراء مباراة بين فريق مكتمل اللاعبين ويدعمه جمهوره، وفريق آخر ناقص اللاعبين وممنوع على جمهوره الحضور إلى الملعب. فأين المساواة والنزاهة في هذه المنافسة غير المتكافئة؟
وتشير المصادر، إلى انّ أصوات المغتربين إذا صبّت في الداخل، يمكنها ان تصنع فارقاً جوهرياً في بعض الدوائر الصغيرة لمصلحة «القوات» و«الكتائب» وحلفائهما، الأمر الذي لا يمكن لـ«الثنائي» أن يقبل به مهما اشتدت الحرب النفسية عليه.
ووفق تقديرات «الثنائي»، فإنّ خصومه سيبدأون الإنتخابات متفوقين سلفاً بفارق عدد وازن من النواب، نتيجة زخم أصوات المغتربين المؤيّدين لهم والقادرين على ترجمة خياراتهم بكل حرّية في صناديق الاقتراع خلافاً لوضع الطرف الآخر.
وبناءً عليه، تؤكّد المصادر، انّ حركة «امل» و«الحزب» لا يديران جمعيات خيرية لمنح التبرعات السياسية، وهما لن يمنحا الفريق المضاد فرصة فرض قانون انتخاب مفصّل على قياس مصلحته، «علماً انّه إذا تقرّر فتح باب التعديلات، فإنّ أحداً لن يستطيع حينها إغلاقه، وفي حال كان همّ البعض تعديل نمط تصويت المغتربين ليتلاءم مع حساباته ومصالحه، فإنّ «الثنائي» يجد أيضاً انّ من الضروري تعديل توزيع الدوائر الحالية التي لا تستند إلى معايير موحّدة، وأبعد من ذلك، يطمح إلى قانون انتخاب خارج القيد الطائفي على أساس لبنان دائرة واحدة.
وتنتهي المصادر إلى التشديد على وجوب إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون النافذ «وسوى ذلك لن يأخذوا منا شيئاً مهما علت أصواتهم».
