HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

هل هناك فعلاً تقدّم في قانون «الفجوة المالية»؟

4
NOVEMBER
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

 

محمد وهبة -

 

أيّ حديث عنوانه «قانون الفجوة المالية» هو في الأصل والمضمون نقاش يتعلّق بتوزيع الخسائر. لدى مصرف لبنان «فجوة» هائلة بين موجوداته والتزاماته، ومثلها لدى القطاع المصرفي. و«الفجوة» تعبّر عن الفرق بين الودائع وما تبقّى من أصول لدى مصرف لبنان والمصارف.

 

وهذا الفرق ليس مُحدّداً بشكل واضح، لأنه يتعلّق بما سيترتّب على كل طرف من أكلاف أي مصرف لبنان، المصارف والمودعين. ولهذه الكلفة بُعدان: الملاءة المالية، أي الحسابات الدفترية في موازنات مصرف لبنان والمصارف والتي قد تتساوى، إلا أنها تبقى عمليات دفترية في غياب السيولة، وهذه الأخيرة هي البُعد الثاني. إذاً، «الفجوة» كلّها، تتعلّق بعملية شطب الخسائر وتوزيعها. حجم الخسائر التي ستُشطب، ومن سيتحمّل كلفتها.

 

وهنا الكلّ يرمي أوراقه على الآخرين. وهذا ما يحصل منذ نهاية 2019 لغاية اليوم. فهل هناك أي تقدّم فعلي في عملية التوزيع كما ادّعى البيان الصادر عن وزير المال ياسين جابر بعد لقائه وفد جمعية المصارف؟

 

باستثناء ما ورد في بيان وزير المال وقوله: «أعتقد أن هناك تقدّماً حصل بيننا وبين جمعية المصارف حول المقاربات التي نبحثها في قانون الفجوة المالية» لم يلحظ أيّ مصرفي حضر هذا الاجتماع، لا المتفائلون بكلام الوزير، ولا المتشائمون به، بأن هناك أي تقدّم حصل. فالإجماع بينهم هو أن جابر خاضع كلياً لصندوق النقد الدولي وأن اقتراحات الصندوق لا تُرضي المصارف.

 

فالوزير أبلغهم بما اتّفق عليه مع صندوق النقد الدولي أخيراً لجهة بدء التدقيق بمصرف لبنان والمصارف، فضلاً عن اعتماد مبدأ «تراتبية توزيع الخسائر» الذي يروّج له صندوق النقد الدولي، وأن هذا الأمر سيُترجم في صياغة نصّ القانون الذي يعدّه رئيس الحكومة نواف سلام مع مجموعة من المحامين.

 

وقائع الجلسة والمعطيات التي لم ترد فيها أيضاً، يمكن أن تفكّك كل هذه الأفكار. فالمعطيات تشير إلى أن رئيس الحكومة شكّل مجموعة صياغة لقانون الفجوة المالية ودعا إليها كلاً من القاضية رنا العاكوم، والمحامي علي زبيب، ومروان صقر. ودأبت هذه اللجنة على الاجتماع خلال الفترة الماضية لإنجاز صياغة قانون الفجوة المالية.

 

لكن تسرّبت معلومات بأن زبيب لديه اعتراضات واسعة على صياغة القانون الذي يُصاغ على قاعدة «شطب الودائع» ولو أن هذه العبارة بالتحديد لم تُستخدم حرفياً. وزبيب الذي يمثّل نقابة المحامين في هذا المجال، يرفض أن يكون شاهداً على هذا المسار. وبالتوازي بدأت ترد معلومات بأن من يصيغ القانون هم مجموعة قانونية لا خلفيات مالية لديها، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتبارها مجموعة ذات خبرة واحتراف في مجال صياغة القوانين.

 

هذه المعطيات تأتي في الإطار نفسه بعد عودة وفد لبنان من اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن. فقد تبيّن أن الوفد لم يذهب وفق رؤية موحّدة وأن لكلّ طرف من الأطراف الثلاثة المعنية بمسألة قانونَيْ معالجة أوضاع المصارف والفجوة المالية، أهدافاً خاصة قد تتفق في بعضها أو تختلف مع الآخرين.

 

وقيل إن الحاكم كريم سعيد، وهو الجهة التي ترفض إعداد صياغة للقانون بعدما اقتنع من أحد النواب بأنه يجب أن يبقى مستشاراً للحكومة ولا يتورّط في أي مشروع يعرّضه للاختراق، يحاول بعناد وشراسة ما يعتقد أنه تدخّل من صندوق النقد الدولي في ما ليس له فيه، أي في المسائل المرتبطة بعلاقة الدولة ومصرف لبنان مع المصارف.

 

وبالتالي فإن ما يقوله صندوق النقد لجهة تطبيق مبدأ تراتبية توزيع الخسائر ليس شأناً يتعلّق بصندوق النقد الدولي بمقدار ما هو شأن داخلي. وبرأي الحاكم، إن مثل هذا المبدأ سيحوّل المصارف إلى إفلاسات بالجملة يترتّب على مصرف لبنان لملمتها بينما هو مفلس أيضاً، بينما المبدأ الذي يحاول اتّباعه سعيد هو أن تكون الإفلاسات بالحدّ الأدنى. كذلك، يرى سعيد أنه يجب اقتطاع 30 مليار دولار لترتيب ملاءة مصرف لبنان ثم المصارف، وبالتالي يجب التركيز على توزيع هذه الخسائر لا زيادتها وفق الوقاعد التي يروّج لها صندوق النقد الدولي.

 

بين نواف سلام وفريقه المنقسم على نفسه، يبدو أن الوزير ياسين جابر يتمسّك بقواعد صندوق النقد الدولي كمرجعية لاعتمادها في الحلّ المُرتقب. صحيح أنه أبلغ المصارف بأن التفاوض مع صندوق النقد الدولي ممكن، إلا أنه يقول لها، إن المعيار الذي سيُعتمد لتقييم الخسائر يُستقى من التدقيق في موازنات المصارف ومصرف لبنان، بناءً على طلب صندوق النقد الدولي. وهذا ما يتعارض تماماً مع ما يقوله سعيد. ربما يكون الوزير عامر البساط، ومن ورائه الرئيس نواف سلام، موافقيْن على ما يقوله سعيد في هذه المرحلة، لكنها ليست موافقة قاطعة وحاسمة بعد، وفق ما تقول مصادر مطّلعة.

 

إذاً أين تقف المصارف؟ هناك مجموعتان بين أصحاب المصارف؛ واحدة تقول، إن المصارف التي كانت «مدلّعة» أيام رياض سلامة الذي ترجم الدلع إلى أرباح ورساميل ضخمة، يجب أن تدفع الثمن، وهذا ما سيظهره التدقيق الذي يطلبه صندوق النقد الدولي. وقسم ثانٍ من المصرفيين الذين يربطون مبدأ «تراتبية توزيع الخسائر» لدى المصارف بتطبيقها أولاً على مصرف لبنان ثم الانتقال إلى مرحلة المصارف. بمعنى آخر، إن التدقيق في المصارف لا يجب أن يكون معياراً لتوزيع الخسائر. وهذا الأمر سيجري نقاشه اليوم في لقاء جمعية المصارف مع عامر البساط وغداً مع حاكم مصرف لبنان كريم سعيد.

 

ثم هناك في الأخير، المودعون. ليست هناك جهة واضحة تناقش مصالح المودعين بينما الجميع يتاجر فيهم. المصارف تريد تغطية قسم كبير من الخسائر بأصول الدولة وبالذهب لدى مصرف لبنان بحجّة أن ما لديه من أموال في بند التوظيفات بالعملة الأجنبية هو ملك المودعين وليس ملك مصرف لبنان.

 

ومصرف لبنان يحاول الامتناع عن صياغة القانون حتى لا يورّط رئيس الجمهورية وكل القواعد المارونية في مسألة «شطب الودائع»، ووزير المال يقف وراء صندوق النقد الدولي حتى لا يقال إنه يقترح الشطب بينما شعار الرئيس نبيه برّي «قدسية الودائع»، ورئيس الحكومة يفضّل أن تكون صياغة مشروع قانون الفجوة على أيدي مجموعة محامين على أن يُقرّ الأمر كيفما كان في مجلس الوزراء ويُحال المشروع إلى مجلس النواب، وهذا ما يتيح للرئيس سلام الإيفاء بالتزاماته تجاه رعاته الدوليين ورمي الكرة في ملعب مجلس النواب وليحصل ما يحصل عندها.

 

غالبية هذه الأطراف تعبّر في مجالسها الخاصة بكلام واقعي، ليس فيه الكثير من الشعبوية والطائفية والسياسية والانصياع للخارج، وهي لا تعتقد بأن قانوناً كهذا سيُقرّ قبل الانتخابات النيابية من دون ضغوط دولية هائلة. قد تنسجم الضغوط الدولية مع أفكار محلية، لكنها لا تأتي أبداً وفق أجندة أيّ منها.

 

 

 

 

 

 

 

 

الأخبار
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING