رلى ابراهيم -
يناقش مجلس الوزراء اليوم طلب قوى الأمن الداخلي تعديل البدل المالي لـ«الخدمات المأجورة» التي تقدمها. هذه الخدمات، وفقاً للتعريف القانوني، هي «كل خدمة تتطلب تقديم عناصر من قوى الأمن ولا تكون داخلة تماماً في خصائص هذه القوى». ولقاء القيام بها، تُستوفى «عائدات مالية» عن كل خدمة تُقدم «خلال اليوم الواحد». ويُحدّد البدل بناءً على نسبة مئوية (تختلف باختلاف رتبة مُقدِّم الخدمة) من الحد الأدنى للرواتب والأجور النافذ في كل حين في الإدارات العامة.
هذه العائدات تحوّل إلى صندوق احتياط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وهي مؤسسة هدفها تقديم المساعدات المالية والمكافآت لرجال قوى الأمن الداخلي. لكن الأزمة أنها بقيت تُسدّد بعد عام 2019، على سعر الصرف السابق، أي 1500 ليرة للدولار الأميركي، ما حوّل الخدمات المقدمة إلى أشبه بمجانية.
وتعتبر من الخدمات المأجورة، خدمات حفظ نظام الأماكن الخاصة: ميدان سباق الخيل - الملاعب الرياضية - المعاهد والمدارس خلال حفلات تقام فيها - المسارح ودور السينما - قاعات المحاضرات... وصولاً إلى حراسة أو حماية المصارف غير الحكومية أو المؤسسات الخاصة، ومواكبة الأموال التي تنقل لغير مصلحة الدولة أو المصارف أو المؤسسات الحكومية.
هذا النوع من الخدمات ينحصر بمدة معينة، خلافاً لما يُشكل استنزافاً فعلياً للدولة والمديرية، وهو فصل عشرات العناصر بشكل دائم لحراسة الشخصيات السياسية وعائلاتهم والإعلاميين النافذين والقضاة، وكل من يتخذون من «الضرورات الأمنية» ذريعةً لطلب عناصر حماية.
هكذا، حوّل السياسيون قوى الأمن الداخلي من مؤسسة لحفظ النظام وتوطيد الأمن وتطبيق القانون، إلى جهاز مرافقة لهم ولزوجاتهم، ما دامت البدلات التي يسدّدونها لا تزال تحتسب على أساس سعر الصرف القديم. وفي المقابل، تتحمل الدولة العبء الأكبر وتُخصص جزءاً كبيراً من ميزانيتها، كرمى لـ«بريستيج» أهل السياسة والإعلام.
لذا، رفع المدير العام لقوى الأمن الداخلي كتاباً إلى وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، ليرفعه بدوره إلى مجلس الوزراء، يطلب فيه احتساب بدلات الخدمات المأجورة على أساس قيمتها بالدولار الأميركي وفقاً لسعر الصرف السابق (1500 ليرة لبنانية للدولار)، واستيفاءها بسعر صرف الليرة اللبنانية في السوق الموازية. وعلّل عبد الله سبب كتابه بـ«الأوضاع الاقتصادية الراهنة وتهاوي القيمة الشرائية للعائدات المالية التي تتقاضاها قوى الأمن الداخلي بدل كل خدمة مأجورة».
يذكر أن طلب تعديل آلية الاحتساب ليس جديداً، بل سبق للمدير العام السابق اللواء عماد عثمان، أن رفعه إلى وزارة الداخلية، إلّا أن المافيا السياسية كانت تمنع إقراره على الدوام وترجئ البتّ به بحجج واهية. فالقوى السياسية الممثلة في الحكومة هي نفسها المستفيدة من هذه الخدمات.
يضع ذلك حكومة الرئيس نواف سلام أمام اختبار، بين أن تعمل مجدداً وفق أهواء الزعماء السياسيين، أو إعلاء مصلحة الدولة عليهم، علماً أن بعض الوزراء يرجح استنفار زملائهم الممثلين لبعض الأحزاب، لحماية مكتسبات زعمائهم، الذين يحاضرون دوماً بمكافحة الفساد وحكم المؤسسات، ما دامت المسألة لا تمسُّ جيبهم الخاص!