فيما كرّس دونالد ترامب السيطرة الأميركية شبه التامة على الشرق الأوسط في مشهدية شرم الشيخ، يترقب اللبنانيون، الذين لا حول لهم ولا قوة، المخاطر والتداعيات المحتملة على لبنان. ذلك أن الحاجة الأميركية و"الترامبية" لتثمير نتائج وقف النار في غزة، بما يتطلبه ذلك من فتح مسارات موازية مع لبنان عبّر عنه بوضوح تصريح الرئيس جوزاف عون، قد تفتحُ باباً أمام هدوءٍ نسبي في الإستهداف الإسرائيلي. لكن ذلك لا يلغي الهواجس من عدوانية بنيامين نتنياهو التي قد تقود بدعم أميركي إلى استئنافِ الحرب في أي لحظة، في الوقت الذي تبدو فيه السلطة عاجزة ومتربكة، أقله في تحديد الحد الأدنى للحقوق الوطنية اللبنانية.
وفي المواقف الدولية، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرئيس جوزاف عون دعم بلاده لمسار حصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً الإصرار على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية السنة الجارية، الأول لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، الثاني لنهوض لبنان وإعادة الاعمار فيه.
إلى ذلك سجلت خطوة تنسيقية جديدة على المستوى القضائي بين لبنان وسوريا، بزيارة وزير العدل السوري مظهر الويسي نظيره اللبناني عادل نصار، أعلن بعدها عن قرب التوصل لتوقيع اتفاقية قضائية لا تشمل المتورطين في المعارك ضد الجيش اللبناني. وقد تم الإتفاق على تسليم كافة المعلومات المتوفرة لدى الجانب السوري عن الأعمال الامنية التي حصلت في لبنان أبان عهد النظام السوري ولا سيما الاغتيالات السياسية. كذلك كان توافق حول البحث عن الفارين من العدالة في لبنان إلى سوريا وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية.
على خط مواز، عكست أزمة مياه "تنورين" هشاشة البنية الإجتماعية والدولة في لبنان. ذلك أن مجرد الإعلان عن نتائج فحص طبي لمؤسسة ما، يتحول بسهولة إلى محور تجاذب سياسي وإعلامي لا بل طائفي. فلا سلطة تطمئن، خاصة وأن المخاطر الصحية لما يأكله ويشربه اللبنانيون ليست بجديدة. والأسوأ، ألا نقاش علمياً ولا منطقياً، بل عواطف تسيّرها الإنفعالات والإنتماءات العشائرية والمصالح المالية.
هي ليست مشكلة جديدة في السلوك المجتمعي اللبناني لا بل هو القعرُ في حد ذاته!