*علاء مخول -
في الثالث عشر من تشرين، ارتفعت الجلجلة اللبنانية على تلال المشرق، وسُمِّرت الأحلام بحمأة الخائن .
يومها ،انشقّ فجر الوطن وتهدّلت سماؤه دموعًا، يوم سُلبت الشرعية من بيتها، وذُبحت الكرامة عند أقدام الغرباء.
في الثالث عشر من تشرين، توقّف الزمن على درب الجلجلة اللبنانية.فكانت الأرض تئنّ من ثقل الخيانة، والسماء تلبس سوادها حزناً على شرعيةٍ سُلبت، وجيشٍ صُلب على أسوار قصره، وأمةٌ تُركت عارية في وجه الريح.
في ذلك اليوم ، انكسر الجبل، وانحنى الصخر تحت وطأة الغدر. سكتت أجراس الكنائس كأن بها تودّع أبناءها إلى المنافي و ارتفع البخور من دموع الامهات الثكالى ، في قرى مصلوبة على حدود الانتظار مرددة: “إلهي، إلهي، لماذا تركتنا؟
ذاك السقوط استحال ارتقاء ، مفجّرا الوجعِ المقدّس ..
ذُبح الحلم على المذبح، لكن الدم الذي سال صار زيتاً في قنديل المقاومة.
و من رحم الجلجلة وُلدت القيامة. من رماد الهزيمة اشتعلت شعلة الرجاء ، ومن الانكسار خرجت إرادة لا تنكسر. فكما خرج الحجر عن باب القبر في اليوم الثالث، هكذا انتفض الجبل في اليوم الثالث عشر، ليقول للعالم:
نُصلَب نعم، لكننا لا نموت. نُنفى نعم، لكننا نعود أقوى.
تشرين لم يكن سقوطًا، بل معمودية بالنار والدم، يوم تعمّد الوطن مجددًا في نهر الشهادة والوفاء. ومن صمت البنادق، ودماء الأوفياء، ودموع الأمهات، قامت الحكاية الجديدة ، حكاية وطنٍ لم يرضَ أن يُدفن حيًّا.
نُفي القائد، لكن الفكر لم يُنفَ.
انهار الجدار، لكن الجبل بقي واقفاً، ينتظر عودة الفجر.
وحين عاد، عاد لا كمن رجع من منفى، بل كمن يخلق من جديد...
١٣ تشرين ليس تاريخًا في الذاكرة، بل نَفَس في الصدر، وجرح على القلب، وصلاة على شرف الحرية. إنه يوم الألم المقدّس، يوم القيامة الوطنية، يوم عرفت الخيانة نفسها انها لا تُطفئ نور الحقّ مهما اشتدّ الليل.
احفروا يوم ١٣ تشرين على صخرة وجدانكم ،
و اقرأوه كما يُقرأ الإنجيل في قلب العاصفة،
ففيه معنى الشهادة، ومعنى البقاء، ومعنى أن تُصلب لتقوم،وأن تُهزم لتبدأ من جديد... وأن تُغتصب شرعية، فتُستعاد بالحقّ والنار والنور.
تشرين هو جلجلةُ وطنٍ سُمرَ بالغدر ،
وقيامةُ شعبٍ قرر أن يتحوّل من ضحيةٍ إلى شاهدٍ، ومن شاهدٍ إلى مقاوم...
*منسق هيئة قضاء عكار في التيار الوطني الحر