خاص tayyar.org
يشي تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ “إيران تريد العمل على إحلال السلام وسنعمل معها” بتحوّل لافت في مقاربة واشنطن لطهران، لكنه في الوقت نفسه يعكس تحوّلاً موازياً داخل السياسة الإيرانية نفسها. فطهران، التي طالما بنت نفوذها على منطق التمدّد والمواجهة، تبدو اليوم في طور إعادة تموضع محسوبة، تمزج بين البراغماتية والحذر الاستراتيجي.
١-ففي غزة، لم تسعَ إيران إلى عرقلة اتفاق وقف إطلاق النار، بل اكتفت بدعمٍ لفظي للمقاومة من دون الانخراط في أي تصعيد، ما يعكس إدراكها لمحدودية قدرتها على تحمّل كلفة الشروع في مواجهة جديدة.
٢-وفي العراق، برزت مرونتها غير المسبوقة في التعامل مع الحكومة المركزية وتفادي الصدام المباشر مع النفوذ الأميركي، في مؤشر على مراجعة عميقة لأدوات النفوذ التي اعتمدتها على مرّ العقود الأربعة الفائتة.
هذا التحول، وإن لم يبدّل جوهر العقيدة الثورية الإيرانية، إلا أنه أعاد تعريف أولوياتها: تثبيت المكاسب بدل توسيعها، وتكريس النفوذ عبر الديبلوماسية لا عبر السلاح.
٣-وفي لبنان، قد تمتد هذه المراجعة إلى ملف “حزب الله” وسلاحه، في إطار محاولة لاحتواء الضغوط الدولية والمحلية، من دون المسّ بجوهر التحالف.
إيران الجديدة لا تتخلى عن نفوذها، لكنها تحاول إعادة صروغه بلغةٍ أكثر هدوءاً وواقعية، استعداداً لمرحلة إقليمية تُدار بالمساومات لا بالمواجهات.