لم تكن معركة ١٣ تشرين مجرّد حدث عسكري عابر في تاريخ لبنان، بل كانت محطة مفصليّة في مسيرة النضال الوطني والسيادة والاستقلال.
يومها، وقف العماد ميشال عون في قصر بعبدا صامداً بوجه الإحتلال السوري والوصاية المفروضة على القرار اللبناني، مؤمناً أنّ كرامة الوطن لا تُقاس بموازين القوى بل بإرادة الحريّة ورفض الخضوع.
ذلك اليوم لم يسقط، بل تحوّل إلى رمز للصمود، فسقطت المدافع لكن لم تسقط الفكرة، وخرج العماد من القصر لكنّه بقيَ في وجدان الناس قائداً وطنيّاً حرّاً، لم يستسلم ولم يساوم، بل حمل قضية الإستقلال إلى المنفى ليعود بعد خمسة عشر عاماً مرفوع الرأس منتصراً لإرادة الشعب الذي صمد معه رغم القهر والتعتيم والملاحقات.
اليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، يتكرّر المشهد ولكن بأشكال مختلفة! فالتيار الوطني الحر، الذي وُلِدَ من رحم تلك المرحلة، يواجه اليوم مؤامرات من الداخل والخارج تحاول كسر إرادته وتشويه صورته وضرب مشروعه الإصلاحي والسيادي! وكما صمد القائد في بعبدا عام ١٩٩٠، يصمُد التيار اليوم بثبات مماثل في وجه حملات التضليل والتطويق السياسي والمالي والإعلامي.
بين ١٣ تشرين الأمس وواقع اليوم ثابت واحد لم يتغيّر، هو الإيمان بلبنان الحر السيّد المستقل، والإيمان بالدولة وبالمؤسسات، وبأنّ الوطن لا يُدار من الخارج ولا يُباع في صفقات أو تسويات! فمَن قاوم الوصاية بالسلاح والكلمة والموقف، لن يرضخ اليوم لمحاولات الوصاية الجديدة مهما تنكّرت بأسماء مختلفة.
لقد أثبت التيار الوطني الحر أنه وريث المدرسة السيادية التي أرساها العماد عون، وأنّ نضاله ليس مرتبطاً بمكاسب أو مناصب، بل بفكر وطني متجذّر في الوجدان اللبناني! فكما واجه بالأمس دبابات المحتلّ، يواجه اليوم حملات الافتراء والاغتيال المعنوي بنفس الشجاعة والصلابة، مؤمناً بأنّ الحقيقة لا تموت وأنّ التاريخ لا يرحم المتخاذلين.
١٣ تشرين ليس ذكرى هزيمة كما حاول البعض تصويرها، بل هو يوم انتصار للكرامة الوطنيّة، اليوم الذي وُلِد فيه التيار وتكرّست فيه مسيرة المقاومة السياسيّة التي أثمرت "استقلال" عام ٢٠٠٥ وأنتجت "مشروع بناء الدولة"! واليوم، كما في الأمس، يستمرّ النضال لأنّ السيادة لا تُعطى بل تُنتزع، والحرية لا تُوهب بل تُصان.
فالمعركة مستمرّة، والوفاء للعماد ميشال عون هو وفاء للنهج وللفكر وللبنان الذي نحلم به جميعاً، وطناً قويّاً حرّاً سيّداً يقرّر مصيره بيده ولا يخضع إلا لإرادة شعبه.