خاص tayyar.org
يؤشّر تجدّد الغارات الإسرائيلية على الجنوب وما خلّفته من نزوح واسع، إلى مرحلة جديدة من التصعيد تعكس تعقيدات المشهدين اللبناني والإقليمي في آن واحد. فالمسألة لم تعد محصورة في بعدها العسكري، بل تحوّلت ورقة سياسية وإنسانية تستخدمها تل أبيب للضغط على الداخل ولإعادة رسم معادلات الردع.
ولا ريب أن تهجير المدنيين وتدمير البنية التحتية يهدفان إلى إضعاف الحاضنة الشعبية لحزب الله وإظهار الدولة عاجزة عن حماية مواطنيها.
على المستوى الداخلي، يتكرّس مأزق السلطة التي تكتفي بالبيانات الاستنكارية والدعوات للمجتمع الدولي، في ظل انقسام سياسي عميق حول دور حزب الله. فالبعض يرى في الاعتداءات الإسرائيلية مبرراً لبقاء المقاومة كدرع ردع، بينما يعتبر آخرون أنّ الانجرار إلى صراع جديد سيضاعف الانهيار الاقتصادي والاجتماعي.
إقليمياً، تحمل الغارات رسائل مباشرة لحزب الله لثنيه عن ترميم بنيته العسكرية، وأخرى إلى دول المنطقة مفادها أنّ أي تهديد لأن إسرائيل سيُواجَه بردّ جماعي. في المقابل، يوظف الحزب مشاهد الدمار والنزوح لتعزيز سرديته وتأكيد حضوره كفاعل يتجاوز الحدود اللبنانية.
أما دولياً، فيستمر عجز القوى الكبرى عن إلزام إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة، مما يترك لبنان عالقاً بين ضعف دولته وتفوق القوة الإسرائيلية. وهكذا يبقى الجنوب رهينة صراع الإرادات، حيث المدنيون يدفعون الكلفة الأعلى في لعبة إقليمية ودولية مفتوحة.