الديار: دموع الأسمر-
لا تهمد في طرابلس حرائق النفايات، فالمدينة لا تزال تتعرض الى جريمة بيئية متواصلة، في غياب المعالجة الجدية والجذرية لازمة النفايات التي تعتبر احدى ابرز الازمات التي تشكل مسا مباشرا بسلامة وصحة المواطنين نتيجة التلوث الذي يصيب فضاء المدينة المتروكة لقدرها والتي تحتاج الى استنفار شامل لهيئات المجتمع المدني ولقيادات المدينة...
فامس كانت سحب دخان النفايات تغطي سماء المدينة، مع انتشار روائح كريهة، مما اثار استنكار وغضب المواطنين متسائلين عمن يقف خلف هذه الحرائق لاكوام النفايات المنتشرة في زوايا وجوانب الشوارع، جراء عمليات النكش المتواصلة في الحاويات من مجموعات عرفوا بلقب النكاشة يتجولون بين الحاويات يلملمون النفايات الصلبة، وينثرون البقايا ارضا، اضافة الى ازمة رمي نفايات المناطق المجاورة، والذين ضبطوا اكثر من مرة، وجرى توقيفهم وتحرير محاضر ضبط بهم اذ يزيدون الطين بلة، وكأن طرابلس ينقصها تراكم نفايات وتلوثا في اجوائها...
ثمة اوساط محلية تتساءل اولا، عن خلفيات الذين يلجؤون الى حرق النفايات بين يوم وآخر، ويتسببون بتلوث فضاء المدينة، وثانيا عن غياب الجهات المسؤولة وفي الطليعة اتحاد بلديات الفيحاء، وبلدية طرابلس، وثالثا عن دور وزارة البيئة المسؤولة عن سلامة بيئة لبنان كله وايجاد حل لجبل النفايات في طرابلس، ودور وزارة الداخلية في ملاحقة مفتعلي الحرائق ومرتكبي الجرائم البيئية، وثالثا وزارة الصحة في متابعة الحالات الصحية الناجمة عن التلوث البيئي المتواصل منذ زمن ودرجة هذا التلوث.
فاللافت ان من يتجول في شوارع طرابلس واحيائها يلاحظ انتشار النفايات باكوام مختلفة وزادت الازمة يوم اعلان عمال البلدية اضرابهم جراء تأخير رواتبهم المستحقة منذ اشهر، علما ان عمال الشركة المولجة بجمع النفايات يقومون باعمالهم وبمواصلة حثيثة من ادارتها لحل الازمة، غير ان الازمة ليست مرتبطة بالشركة وحسب، وانما تحتاج الى تدابير واجراءات من بلدية طرابلس، ومن اتحاد بلديات الفيحاء الذي يضم بلديات طرابلس والميناء والبداوي والميناء، بحيث يقتضي تعاونا بين هذه البلديات لايجاد حل جذري للازمة، وإلا فان المشكلة تبقى قائمة والى تفاقم لا سيما حل ازمة جبل النفايات الذي يقع على شاطىء الميناء منذ سنوات، وتكاد تعجز البلدية والاتحاد ووزارة البيئية عن حلول، للنفايات والمبررات دائما مادية.
وتيرة الغضب الشعبي في طرابلس ارتفعت مؤخرا، حيث يتلمس المواطنون ان مدينتهم لا تزال تتعرض للاهمال والتهميش على مستوى حل ازمة النفايات وحرائقها، او على مختلف المستويات الاخرى، في وقت لم يلحظ فيه المواطنون اي مواقف لنواب المدينة او مساع منهم لحل هذا الملف البيئي المتفاقم والذي ينعكس سلبا على صحة الاهالي وسلامتهم، فالفيحاء التي اشتهرت بروائح زهر الليمون التي كانت تفوح في فضاء المدينة في كل موسم، غابت عنها هذه الروائح منذ زمن وحلت مكانها روائح النفايات وسحب دخانها التي تخيم على المدينة، وتسعى هيئات محلية لتوجيه صرخاتها الى وزارة البيئة والى الادارة البلدية المحلية لايجاد الحلول الجذرية قبل ان ينتقل الغضب الى الشارع.