عماد مرمل -
اقتحم العدوان الإسرائيلي على قطر وقيادة حركة «حماس» في الدوحة السجال اللبناني حول مصير سلاح «حزب الله»، وسط تعارض حاد في تحديد طبيعة العبرة التي يجب استخراجها من العدوان.
معارضو «حزب الله» يعتبرون انّ الهجوم الإسرائيلي على قيادة «حماس» في الدوحة ينبغي أن يكون حافزاً إضافياً لتسليم السلاح إلى الجيش، والاعتماد على الدولة حصراً لحماية لبنان والسيادة.
ووفق رأي هؤلاء، فإنّ الاتقاء من الخطر الإسرائيلي يكون بسحب أي ذريعة منه وبالذوبان الكامل في الدولة. ويفترض أصحاب هذا الرأي انّه إذا كانت تل أبيب تستبدل العنف بمزيد من العنف لتحقيق أهدافها في المنطقة، فإنّ لبنان يجب أن يستبدل الديبلوماسية بمزيد من الديبلوماسية وليس العكس. بمعنى آخر، يعتبر أصحاب هذه المقاربة أنّ المصلحة تقتضي الإنحناء أمام العاصفة التي تهبّ على الإقليم وليس الوقوف في مواجهتها، لأنّ موازين القوى لا تسمح بذلك.
أما الداعون إلى الإبقاء على السلاح، فقد وجدوا في الاستهداف الإسرائيلي للدوحة في وضح النهار، دليلاً إضافياً على عدم جدوى الخيارات المستندة إلى الديبلوماسية والحياد والضمانات والسلام، في تأمين الحماية الضرورية ضدّ العدوانية الإسرائيلية.
ويلفت المقتنعون بهذا الطرح، إلى انّ قطر تمثل خليطاً من كل تلك الخيارات، فهي اختصاصية في الأدوار الديبلوماسية، وتمثل رمزاً لدول الاعتدال العربي، وتحيد نفسها عن النزاعات، وتقيم علاقات قديمة مع «إسرائيل»، وتضع كل أوراقها في الوعاء الأميركي، وكانت من أكثر المحتفين بالرئيس دونالد ترامب خلال زيارته الأخيرة لدول الخليج. لكن عندما اقتضت مصلحة بنيامين نتنياهو أن يقصف الدوحة سقطت تلك «المظلات» دفعة واحدة، ولم يستطع أي منها أن يمنع الطائرات الإسرائيلية من استباحة سيادة قطر وأمنها.
ويلفت أنصار الاحتفاظ بالسلاح، إلى انّه بالمقارنة مع أهمية قطر بالنسبة إلى الأميركيين الذين يملكون فيها واحدة من اكبر قواعدهم العسكرية، يبدو لبنان في المقابل «متواضعاً» ولا يحظى بالمكانة التي تملكها الدوحة لدى واشنطن، وبالتالي فإنّ الضمانات الأميركية التي لم تنفع في تحييد قطر «المدللة» عن الخطر الإسرائيلي، لن تنفع بالتأكيد في حماية لبنان منه، هذا إذا وُجدت اصلاً. ذلك أنّ الموفد توم برّاك كان قد رفض علناً إعطاء اي ضمان، ولم يستطع حتى تطبيق معادلة «خطوة مقابل خطوة»، على رغم من التنازلات التي قدّمتها الدولة اللبنانية.
ويلفت المتسلحون بهذا الرأي إلى انّ وزن قطر في المجتمع الدولي والنظام الرسمي العربي هو بالتأكيد أكبر من وزن لبنان لأسباب عدة، لكن وزنها الثقيل نظرياً لم يكن له أي مفعول على أرض الواقع، ولم يؤمّن لها الحصانة في لحظة الحقيقة، لأنّ نتنياهو لا يهتم سوى بموقف الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب الداعم له، اما استنكارات بقية العالم وتنديداته فيتعامل معها بازدراء.
ويشير هؤلاء، إلى انّ العدوان على قطر ينبغي أن يكون حافزاً من أجل إعطاء الأولوية لوضع استراتيجية أمن وطني، تستفيد من جميع عناصر القوة المتوافرة في حوزة لبنان، ولا تفرّط مجاناً بأي منها، خصوصاً انّ المشروع الإسرائيلي بات أكبر من مسألة بقاء او سحب السلاح.