الديار: كمال ذبيان-
وقفنا مع الطائفة السنّية سدّاً منيعاً لمنع حصول فتنة في لبنان
الشيخ أبي المنى لـ"الديار": السلطة السوريّة لم تتوصّل الى دولة تشاركيّة وعقد اجتماعي
تمر طائفة المسلمين الموحدين الدروز، في مرحلة صعبة وقاسية، يمكن تفسيرها بانها وجودية، مع رسم خرائط للمنطقة، تحت مسميات عدة، من "الشرق الاوسط الجديد"، وهو المشروع الاميركي المزمن، الى "اسرائيل الكبرى"، التي اعلن عنها رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبدأت تتحقق مع الحروب التي يخوضها على "سبع جبهات" للقضاء على "محور المقاومة" التي تقوده ايران ويتوسع جيش الاحتلال الاسرائيلي في لبنان وسوريا، ويعمل على تدمير غزة لتصبح ارضا بلا شعب، وهو ما يمارسه في الضفة الغربية، ويبرز ايضاً المشروع التركي الذي سوّق له رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان بـ"العثمانية الجديدة".
امام هذه التطورات والتحولات، والتي كان سقوط النظام السوري السابق، ابرز معالم ما يمكن ان يحصل مع نظام جديد بقيادة "هيئة تحرير الشام" ورئاسة احمد الشرع لسوريا المنبثق من "جبهة النصرة" التي انشقت عن تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" "داعش"، حيث تعيش الاقليات في سوريا بحالة من القلق الوجودي، والخوف على المصير، مع وقوع احداث دموية في الساحل السوري ضد العلويين، وفي محافظة السويداء، ضد الدروز، وحصول ارتكابات ومجازر، في ظل روايات واتهامات من كل الاطراف، لكن لجنة التحقيق الرسمية التي شكلتها السلطة السورية، اعترفت في تقريرها، ان عناصر من الامن العام ووزارة الداخلية ارتكبوا جرائم.
في هذا الواقع المأساوي، فان الدروز في كل من سوريا ولبنان وفلسطين والاردن، يسألون عن مصيرهم، مع ظهور دعوات من احد مشايخ العقل في سوريا حكمت الهجري، الى الانفصال، واقامة حكم ذاتي، وطلب الحماية من العدو الاسرائيلي، في وقت يعمل الرئيس الروحي للدروز في فلسطين المحتلة، الشيخ موفق طريف، على ان يكون المرجعية الدرزية في الشرق، ويعتبر اسرائيل دولته.
وفي ظل هذه الاوضاع المعقدة، وتزاحم الاحداث، فان الطائفة الدرزية في لبنان، عبر مرجعيتها الروحية، شيخ العقل سامي ابي المنى، لا تتدخل في الشأن الدرزي في سوريا، ويقول لـ"الديار"، بان اهل جبل العرب، ومشايخ العقل فيه، ادرى باوضاعهم، وهم يعالجون بانفسهم ما يقع في محافظة السويداء، وكانت الاحداث التي وقعت فيها في تموز الماضي، مؤلمة جداً، يقول الشيخ ابي المنى، الذي يكشف عن ان تأثير الدروز في لبنان، ليس ممكنا، بسبب الجغرافيا اولاً ثم لان الاحداث الدموية، وقعت دون سابق انذار، وان ردات الفعل في لبنان من قبل افراد او عائلات لهم اقارب في جبل العرب، لها مبرراتها، لكن يجب ان ننظر الى الواقع، الذي يحيط بالدروز، فهم في محيط اسلامي ـ سني، لا يمكن ان يكونوا بمواجهة معه، لا في لبنان وسوريا وفلسطين والاردن، من هنا كانت دعوة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بفك ارتباط ما يحصل في سوريا عن لبنان، وهذا ما حصل، مع تأكيدنا على رفض ما حصل من مجازر وارتكابات استهدفت مواطنين دروز عزل، وخطف مواطنين ونساء منهم، اضافة الى عمليات احراق منازل ومؤسسات وتهجير، وحصول رد فعل من قبل مجموعات من البدو والعشائر، بسكوت من الاجهزة الامنية الرسمية.
ويحمل الشيخ ابي المنى، الدولة السورية مسؤولية ما جرى، لانها لم تطمئن الشعب السوري بكل مكوناته، والدروز منهم، فلم يشعروا بان الدولة ستحميهم، وان السلطة الجديدة لم تطرح عقد اجتماعي جديد، يقوم على التشاركية، ويطمئن الشعب السوري عموماً، والاقليات منه خصوصاً، ولم تعمل الدول التي ساندت النظام الجديد في هذا الاتجاه، لبناء سوريا جديدة، بدستور يؤمن الديموقراطية، وهذه مسؤولية تقع ايضا على دول عربية التي كان عليها، ان تقوم سوريا مختلفة كليا عن النظام السابق.
وشدد شيخ العقل على ان الدروز في اي مكان، هم مع وحدة الدولة التي يقيمون فيها، وهذا ما لمسته من خلال اتصالاتي مع مشايخ العقل في سوريا وفعاليات في محافظة السويداء، ويؤكدون على وحدة سوريا، قائمة على اللامركزية الادارية الموسعة، وان يعطى اهل الجبل دور في ادارة شؤونهم الادارية والخدماتية والامنية، وهذا ليس انفصالاً او تقسيماً، يقول الشيخ ابي المنى، وهذا ما يجب على السلطة السورية، ان تقوم به وفتح حوار مع مكونات المجتمع السوري، وعقد مؤتمر حوار، تتمثل فيه كل الاطياف السياسية والطائفية، ويخرج السوريون باتفاق، ولا مانع ان ترعى دول مثل هذا الاتفاق كما حصل في لبنان، بانعقاد مؤتمر في الطائف بالسعودية، وخروج النواب اللبنانيون، باتفاق انهى الحرب التي كانت قائمة بين مجموعات طائفية وسياسية لبنانية.
وتحدث الشيخ ابي المنى، عن الوضع الدرزي في لبنان، فاشار الى وجود وحدة موقف بين القيادات السياسية الدرزية، لا سيما وليد جنبلاط والامير طلال ارسلان، وان لا تنعكس احداث السويداء على الداخل الدرزي، وتسبب خلافات، وهذا لم يحصل، مع الانسجام في الداخل الدرزي، وان تباينت الاراء، وقراءة مختلفة للاحداث، في السويداء دون ان يؤدي ذلك الى انقسامات واشكالات.
وعن تقدم دور رجال الدين الدروز على القيادات السياسية، في لبنان يقول الشيخ ابي المنى، ان هناك من يحاول استنساخ ما هو قائم في سوريا وفلسطين المحتلة على لبنان، مع غياب وجود سياسي فيهما، فتحكم حزب البعث في سوريا، التي كانت فيها مرجعيات سياسية درزية، فتقدم دور مشايخ العقل، وهو ما حصل في فلسطين المحتلة، التي تقدمت المرجعية الروحية لآل طريف منذ عقود على السياسيين، الذين انضوى منهم في الاحزاب الاسرائيلية، وفي لبنان توجد مرجعيتان منذ قرون آل جنبلاط وآل ارسلان، فتقدم السياسيون على مشايخ العقل واتفقتا على ان تكون مشيخة العقل واحدة.
وكشف الشيخ ابي المنى، عن عشاء جمعه مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، عند احد الاصدقاء في الجبل، وكان ودياً جداً، وهو استكمال للقاء الذي حصل في منزل جنبلاط في كليمنصو، وشكلت اللقاءات والاتصالات سداً منيعاً في وجه الفتنة ونجحنا يقول شيخ العقل الذي اشار الى ان لقاءات حصلت في مناطق عدة، ين ابناء الطائفتين السنية والدرزية، اكدت على الوحدة الوطنية، ورفض الانجرار الى فتنة، التي لا تخدم لبنان ولا اهله، وهذا نهج ثابت وبتوافق بين كل القيادات الدرزية، وان وفودا سنية زارت ابي المنى من اقليم الخروب والبقاع وراشيا وبيروت.
وكشف الشيخ ابي المنى، عن انه لم ينقطع عن الاتصال بمشايخ العقل في السويداء حكمت الهجري ومحمود الحناوي ويوسف جربوع، وان اتصاله بالشيخ الهجري، كان بعد الاحداث المؤسفة في السويداء، فهنأه بالسلامة، وان مشيخة العقل في لبنان تعمل على ان تستوعب كل المرجعيات الروحية والسياسية في محافظة السويداء، دون التدخل في شؤونها وان تنتهي المحنة التي يمر بها الموحدون الدروز في سوريا، وهم منتشرون في مناطق عدة، وجرى الاتفاق على ارسال مساعدات انسانية وغذائية وطبية لهم، وبدأت مشيخة العقل بحملة تبرعات في لبنان وخارجه، وناشد الشيخ ابي المنى دولا عربية واجنبية، والمقتدرة منها لتقديم المساعدة، لكن التجاوب لم يكن مشجعاً حتى الآن.
وعن آلية وصول المساعدات، يقول الشيخ ابي المنى، ان اتصالات تجري مع الهلال الاحمر السوري والصليب الاحمر، ووصلت من مشيخة العقل مساعدات من طحين وزيت وغيرها الى محافظة السويداء، وان اتصالاتنا تتركز على ان تُشكل لجنة من السويداء، يتم عبرها توزيع المساعدات، في ظل الحصار المفروض على المحافظة، وتجري اتصالات دولية وعربية ومع السلطة السورية، لفتح معبر انساني الى محافظة السويداء المحاصرة، وهذا الوضع يحاول العدو الاسرائيلي استغلاله مع متعاونين معه.