فرح منصور- المدن:
لم يعُد ملفّ الموقوفين السّوريين في السّجون اللبنانيّة على رفّ الانتظار؛ إذ بدأ حراك قضائي – أمني بين بيروت ودمشق، كان آخر فصوله زيارة وفدٍ لبناني يضم قضاة وأمنيين إلى العاصمة السورية، بعد زيارة الوفد السوري إلى بيروت الأسبوع الماضي.
تُعتبر زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق الخطوة الجدية الأولى التي بدأ فيها البحث المُعمق بين البلدين لدراسة ملف الموقوفين السوريين الذين يتخطّى عددهم 2600 موقوف. طالبَ الجانب السوري بتسليمهم كلّهم من دون استثناء.
تفاصيل اللقاء اللبناني- السوريّ
تكشف معلومات "المدن" أن الوفد اللبناني ضم 12 شخصاً، من ضمنهم 3 قضاة كلّفهم وزير العدل عادل نصّار بمتابعة ملف الموقوفين السوريين، وهُم: مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة كلود غانم، معاونة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة منى حنقير، ورئيس مصلحة السّجون في وزارة العدل رجا أبي نادر.
كما ضمّ الوفد ممثّلاً عن نائب رئيس الحكومة طارق متري، ورئيس لجنة التنسيق اللبنانيّة – السورية، وضباطاً من الأمن العام ومخابرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
تضيف مصادر "المدن" أن الجانب السوري طالب بتسليم جميع الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية. كما طلب الاطّلاع على ملفّاتهم القضائيّة، والتّهم المُوجّهة إليهم، والأحكام التي صدرَت بحقّ المحكومين منهم.
لمس الوفد اللبنانيّ اندفاعاً سورياً لحلّ هذا الملفّ بأقصى سُرعة ممكنة، ولو كانَ ذلكَ عبر تفعيل المبادرات القديمة، أو حتّى عبر تفاهمٍ شفهيّ بين وزيري العدل في البلدين. وقد أبدى الجانب اللبناني التزامه الكامل بتطبيق القوانين لحل هذا الملف.
ووفقًا للمعلومات أبدى الوفد السوري اهتماماً خاصّاً بـ3 أسماء لموقوفين، قال إن أحدهم بترت أصابع يده أثناء التحقيق معه، وآخر انتهَت مدّة محكوميّته ولا يزال موقوفاً في السجون اللبنانيّة، في حين أنَّ الثّالث تعرّض لتعذيبٍ شديد أثناء التّحقيق معه في لبنان.
بادر الوفد اللبناني إلى نفي كل ما ذكر، وأكد أن لبنان يُصرّ على الإفراج عن أيّ موقوفٍ انتهَت محكوميّته، خصوصًا أنه مهتم في تخفيف الاكتظاظ داخل السجون اللبنانية. كما أكد الوفد اللبناني أنه لا وجود في السجون اللبنانيّة لأحد من السجناء السوريين الذين أتموا فترة محكوميتهم فيها.
كانَ الوفد السوري يؤكد أولوية الإفراج عن الموقوفين السوريين الذين اعتُقِلوا من أجل معارضتهم لنظام بشار الأسد، والذين سمّاهم الجانب السوري "موقوفي الرأي"، وذكرَ بالتحديد موقوفي "جبهة النّصرة" (هيئة تحرير الشّام).
الجانب اللبنانيّ أكد أنّ أكثر الموقوفين بتهمة الانتماء لـ"جبهة النّصرة" ثبَتت مشاركتهم في القتال ضدّ الجيش اللبنانيّ بين عامي 2014 و2017، خصوصاً في جرود عرسال. وبالتّالي فإن لبنان يرى أنه لا إمكان لتسليمهم ما لم يتمّوا محكوميّتهم.
ووفق المعلومات، فإن الجواب اللبناني قوبل بردٍ سوري حرفيّته: "كلّ من ثبت تورّطه في القتال ضد الجيش اللبناني، كأنما ثبت قِتاله ضدّ الجيش السوري، ولن نُطالب بتسليمه؛ بل نُريد السجناء السّياسيين الذين جاهروا بمعارضتهم لبشار الأسد وحُكم البعث".
الحلول المقترحة
وفق مصادر "المدن"، اقترحت دمشق 4 حلول: الأوّل: تفعيل المعاهدات القضائية والأمنية المُوقعة سابقاً بين لبنان وسوريا. الثّاني: إبرام اتفاقيّات جديدة وسريعة تُلغي اتفاقيّات حقبة البعث السوري. الثالث: أن يُقدم الجانب اللبناني على إصدار قانون عفوٍ جديد عبر مجلس النواب اللبناني. والرابع: أن يُبرمَ اتفاق بين وزيري العدل اللبناني عادل نصّار والسّوري مظهر الويس يفضي إلى حلّ هذا الملف بأقصى سرعة ممكنة.
هكذا بدأ النّقاش اللبنانيّ – السّوريّ لمُعالجة واحد من أكثر الملفات حساسية بين البلدين. الجديد أنّ النقاش يدور عبر مؤسسات الدولتين، وليس عبر أساليب الحقبة السابقة. وهذا ما يسعى إليه لبنان وسوريا لتكون العلاقة من دولة إلى دولة. يؤكد ذلك اتفاق الجانبين على عقد اجتماع جديد بعد شهر من اليوم.