HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

إخلاء سبيل رياض سلامة فضيحة لبنانية أمام العالم! (رندا شمعون)

26
AUGUST
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

منذ اللحظة الأولى لتوليه رئاسة الجمهورية، جعل الرئيس ميشال عون من التدقيق الجنائي معركةً أساسية، باعتباره الطريق الوحيد لكشف حقيقة الانهيار المالي وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المرتكبين. التدقيق لم يكن مجرد شعار، بل كان شرطاً جوهرياً لأي إصلاح اقتصادي وخط الدفاع الأخير عن دولة القانون. غير أنّ هذا المسار ووجِه بمقاومة شرسة من المنظومة السياسية ـ المالية التي عطّلت التحقيقات وحالت دون فتح الدفاتر السوداء، لأنّها كانت تعرف أنّ أول الخاسرين سيكون الحاكم السابق لمصرف لبنان، رياض سلامة.

اليوم، يأتي قرار إخلاء سبيل سلامة ليؤكد أنّ تلك المنظومة نجحت في حماية نفسها وحماية أبرز رموزها. "مهندس الانهيار" الذي تلاحقه ملفات قضائية محلية ودولية بتهم تبييض أموال، اختلاس مئات ملايين الدولارات من المال العام وودائع الناس، الإثراء غير المشروع، التزوير واستغلال المنصب، إلى جانب مذكرات توقيف أوروبية لم تُسقَط بعد، يخرج حراً طليقاً، فيما اللبنانيون لا يزالون أسرى الانهيار الذي كانت سياساته المالية أحد أهم أسبابه.

وما يزيد المشهد استفزازاً هو أنّ الإفراج عنه جرى مقابل كفالة وُصفت بأنّها الأكبر في تاريخ لبنان، بلغت 20 مليون دولار. في الظاهر، أراد القضاء أن يظهر بمشهد صارم، لكن في العمق تحوّلت الكفالة إلى استعراض شكلي: فالمبلغ مهما بدا ضخماً، لا يشكّل سوى فتات قياساً بمليارات الدولارات التي يُتهم سلامة باختلاسها وتبييضها. وهكذا بدا القرار تكريساً لمعادلة خطيرة مفادها أنّ من يملك المال يستطيع شراء حريته، فيما يبقى المواطن العادي عاجزاً حتى عن سحب بضع مئات من مدخراته المحجوزة في المصارف. إنها عدالة معكوسة: المال المنهوب يتحوّل أداة للنجاة، بدل أن يكون سبباً للمحاسبة.

هذا القرار ترك آثاراً عميقة داخلياً، إذ زعزع ما تبقّى من ثقة اللبنانيين بالقضاء، وأكد لهم أنّ العدالة في بلدهم لا تُطبّق إلا على الضعفاء. وهو يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويدفع الفاسدين إلى مزيد من التمادي، فيما المواطن العادي يزداد قناعة بأنّ الدولة عاجزة عن حمايته واسترداد حقوقه.

أما خارجياً، فقد وجّه إخلاء سبيل سلامة رسالة بالغة السلبية إلى المجتمع الدولي. فلبنان الذي اعتبر التدقيق الجنائي شرطاً لأي دعم أو خطة إنقاذ، يظهر اليوم كدولة غير قادرة على محاسبة أبرز المتهمين بانهيارها. وهذا لا يضعف فقط موقعه التفاوضي مع صندوق النقد والبنك الدولي، بل يفتح الباب أمام استمرار المحاكمات الأوروبية والدولية، وكأنّ العدالة للبنانيين ستأتي من الخارج بعدما سقطت في الداخل.

ويزداد المشهد قتامة حين يوضع إلى جانبه استمرار توقيف شخصيات مثل #رولان_خوري من دون أي دليل جدّي، ما يكشف بوضوح أنّ العدالة في لبنان انتقائية، تُبرّئ الكبار وتثقل كاهل الأبرياء.

إنّ ما يجري اليوم لا يمكن قراءته إلا كصفعة مباشرة للتدقيق الجنائي الذي أراده الرئيس ميشال عون عنواناً للإصلاح، وكفضيحة مدوّية أمام العالم تضع لبنان في خانة الدول العاجزة عن حماية قانونها ومحاسبة الفاسدين. إنه انتصار موقت للمنظومة على العدالة، لكنه أيضاً تذكير بأنّ معركة كشف الحقيقة لم تنتهِ بعد، وأنّ الشعب الذي دفع أثمان الانهيار لن يقبل بأن يُكافأ المجرم ويُعاقب البريء.

رندا شمعون

MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING