الديار: مريم نسر-
من لحظة إعلان وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني وفيما حين لم تلتزم الدولة بوعدها باعمار الجنوب الذي قطعته على لسان الرئاستين الأولى والثالثة نتيجة ارتباط ملف إعادة الإعمار بشروط يفرضها الخارج وتحديداً الأميركي على لبنان، مما أوحى لأهالي الجنوب بأن نزوحهم عن قُراهم سيطول هذه المرة إن كان بسبب الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية أو بسبب دمار بيوتهم وعدم معرفة مصير هذا الملف حتى الآن.
هذا الواقع دفع بأهالي الجنوب للتحرّك من أجل مساندة بعضهم الى حين عودتهم الى قُراهم، بالتوازي مع المساعدات الكبيرة التي وزعها حزب الله، فبعد أن طالت المعاناة تولّى عدد من الناشطين في القرى الجنوبية الحدودية الذين هم جزء منها مهمة العمل والسعي لتحصيل بعض من حقوق مواطنين لبنانيين يعيشون خارج قُراهم وبيوتهم بسبب الحرب والدمار الإسرائيلي، ففي هذه الفترة والى حين عودتهم كان لا بُدّ من العمل واتخاذ بعض الإجراءات لتسهيل واقع النزوح الذي يعيشه الأهالي. فقام الناشطون بتأسيس "تجمّع أبناء القرى الجنوبية الحدودية" رافعين شعار "عائد" وهو يجمع أربع كلمات ومختصر لها: عودة- أمان - إعمار- دعم.. فكان هذا الشعار كخطوات متبعة طول هذه الفترة.
الناطق الرسمي بإسم تجمّع أبناء القرى الجنوبية الحدودية المهندس طارق مزرعاني، قال إن هذه المبادرة كانت بدفع ومطالبة من الأهالي للتحرّك كنشطاء في قُراهم وهذا ما دفعه في البداية لتوجيه دعوة على صفحته على الفايسبوك لكل مَن يهمه المشاركة في خدمة أهله، فحصل ما كان متوقعاً وكان هناك تجاوب كبير من العديد من نشطاء قرى الحافة الأمامية، فبدأ التواصل بينهم وبدأت الاجتماعات للتنسيق وقاموا بالخطوة الأولى بعقد مؤتمر صحفي تم الإعلان فيه عن أنفسهم ومبادرتهم، بعدها يقول مزرعاني تم تشكيل لجان للمتابعة والتحرّك، أعضاؤها من مختلف القرى الحدودية، حولا، مركبا، ميس الجبل، يارين وغيرها من القرى.
اللجنة وضعت خطوات ستقوم بتنفيذها في الأيام المقبلة يقول مزرعاني هدفها تأمين بطاقات صحية للنازحين الجنوبيين، المساهمة بالسكن والمدارس وتسهيل الأمور الحياتية، ولأجل تحقيق ذلك كان لا بدّ من التواصل مع فعاليات المنطقة وأحزابها التي كانت مرحِّبة بالفكرة ومن ثم التواصل مع الدولة والوزارات المعنية التي هي كالمفتاح لتحقيق ما يتم السعي إليه.
تحدّث مزرعاني عن أن اللجنة قامت بصياغة الاقتراحات وستَعقد عدة لقاءات مع مؤسسة جهاد البناء ومجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة والوزارات المعنية، فوزارة الصحة سيُقدَّم لها إقتراح عملي يتضمن إنشاء صندوق لدعم أبناء القرى الجنوببة الحدودية يستفيد منه كل مَن يحمل بطاقة "عائد"، وكذلك التواصل مع وزارة التربية في ما يتعلق بالمدارس والجامعة اللبنانية، وأيضاً وزارة الزراعة لمساعدة المزارعين المتضررين من الحرب، ووزارة الإقتصاد كمرجعية للمؤسسات الكبيرة التي تضرّرت من آلة الحرب الإسرائيلية، أما جمعية المصارف فستكون أيضاً وجهة للجنة التي ستُقدِّم لها مُقترحاً مضمونه السماح بسحب جزء من ودائع الجنوبيين، مما يساعدهم على تسوية أمورهم في الواقع الحالي.
يقول مزرعاني إن هذا المقترح بالتحديد الذي يتعلق بالودائع لاقى تأييداً إعلامياً، كما قال إن الإعلام يساعدهم كثيراً على نشر المبادرة ليستطيعوا القيام بالدور الذي أُنشىء التجمّع من أجله، كما لم تقتصر الجولة على ذلك، بل ستشمل جمعيات أهلية وكل ذلك سيتم بالتعاون مع بلديات قرى الحافة الأمامية، وفي ما يتعلق بالإحصاءات قال مزرعاني إنهم في طور تشكيل لجنة خاصة بالإحصاءات وهي قيد المتابعة وتحتاج المزيد من الوقت لاستكمالها كي تطال هذه المبادرة أكبر شريحة ممكنة من الشعب الجنوبي.
أما الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو تسليط الضوء على قضية لا يمكن أن تموت أو أن تصبح على الهامش أو منسيّة لدى الجهات الرسمية والرأي العام، لذا كان لا بدّ من تذكير العالم أن هناك أناساً لا زالوا خارج بيوتهم وقُراهم وتحت التهديد الإسرائيلي، وهناك جنوب لا زال يعيش حالة حرب واحتلال وعدوان إسرائيلي مستمر، ولا بد من القول مجدداً والتأكيد أن الجنوب لا يُهمَّش ولا يمكن أن يُنسى ويَرفض أن يموت...