تخرج الممثلة ومعدة ومقدمة البرامج التلفزيونية نتالي نعوم عن المألوف في أفكارها الإعلامية، فتختار موضوعات حقيقية تنبع من حياة الناس وتحاكيهم مباشرةً. وكان أحدثها «نتالي معكن» الذي توجهت فيه إلى النساء من خلال محتوى «البودكاست» على تطبيقات إلكترونية.
أما جديدها فهو برنامج «أوفر فيفتي» على الموقع الإلكتروني «تفاصيل» لصاحبه فراس حاطوم. وتستضيف نعوم شخصيات إعلامية وفنية تجاوزت أول 50 من عمرها، فتحاورهم حول التغييرات والتبدلات التي أصابتهم بعد وصولهم إلى هذا العمر.
وكما يقول المثل اللبناني فإن «ثاني خمسين لن تشبه الأولى منها». ونتالي تحاول في مقابلاتها الوقوف على التأثير الذي تركته أول 50 سنة عند ضيوفها، وكذلك كيف يحضّرون للقسم الثاني من حياتهم.
ولكن كيف وُلدت هذه الفكرة عندها؟ وهل هزّتها فكرة مرور أول 50 سنة من عمرها لتناقشها مع آخرين؟ تردّ نعوم لـ«الشرق الأوسط»: «الفكرة نابعة منّي بالتأكيد ومن التحولات التي أصابتني بعد أول 50 سنة من عمري. كما كان عندي الفضول لمعرفة كيفية تحضير ضيوفي للقسم الثاني من عمرهم».
وتتابع: «في الحقيقة لم أفكّر يوماً في سن الخمسين وانعكاساتها عليّ من قبل. فلم أشعر بأني تقدمت في السن أو لاحظت تبدلاً كبيراً في شكلي الخارجي. كنت أدرك هذا الأمر من خلال أولادي، فكانوا يكبرون أمام عيوني، وعندما أحصي عدد سنوات عمرهم أتنبه إلى أنها تطولني أيضاً».
استضافت نتالي نعوم عدداً لا يستهان به من ضيوف اعترفوا بأول خمسين من عمرهم، ومن بينهم الكوميدي نعيم حلاوي والإعلامي زافين ومقدمة البرامج في فترة سابقة ماريان خلاط.
فهل واجهت أشخاصاً رفضوا الاعتراف بحقيقة عمرهم فغابوا عن برنامجها؟ تردّ: «بصراحة نعم، لا سيما أن بعضهم كان يبالغ في تصغير عمره، فينكر تجاوزه الخمسين كأن بينه وبينها سنوات طويلة كي يصل إليها. ومرات أخرى كان (غوغل) يخطئ في حساباته، فيزوّدني بعمر الشخص بطريقة خاطئة».
وعن كيفية اختيار ضيوفها تقول في سياق حديثها: «الانطلاقة تكون من خلال عمرهم الخمسيني بالطبع، وأحاول أن يكونوا من مجالات مختلفة من باب التنويع. كثيرون بينهم لم أتعرّف عليهم من قبل، إلا أن عمر الخمسين قرّبنا بشكل مباشر وأصبحنا أصدقاء».
تخبر نتالي نعوم «الشرق الأوسط» عن التحولات التي واجهتها في عمر الخمسين، وتؤكد أنه لم يؤثّر على شكلها الخارجي ولا على تفكيرها ونشاطها الإعلامي، ولكن من جهة أخرى زوّدها بنضج لم تكن تتمتع به من قبل على هذا النحو. «صرت لا أكترث لأمور كثيرة، إذ أجدها سخيفة، كما استطعت تنظيم حياتي على الشكل الذي أريده، فيما بعض ضيوفي اعترف بأنه شعر كأنه فاته القطار، وغيرهم رأوا أن التبدلات في لياقتهم البدنية فاجأتهم، ولكن من ناحيتي لم تصبني أي من هذه العوارض».
وعن نقاط التشابه بين ضيوفها ترد: «ما يجمعنا كلّنا هو خوضنا تجربة الحرب اللبنانية، فتركت على كل منّا تأثيرها. ومن ناحيتي فإن سنوات حياتي كانت مثقلة بالأحداث، فلم أشعر بأنها مرّت بسرعة، فيما غيري وجدها بدّلت من توجهاته وأحلامه ومسار حياته ككلّ. ولذلك يمكن القول إن الجميع أصبحت لديه أولويات لا تشبه سابقتها».
كل شخص وانطلاقاً من مفهومه للحياة يتلقّف أول 50 سنة على طريقته، ولكن غالبية ضيوفها أبدوا إعجابهم بفكرة البرنامج. وأبرز ما يحضّهم على المشاركة فيه هو هذا الحنين لفترة قطعوها من حياتهم. «لقد اكتشفت أن جيلنا الخمسيني لديه نفس الذكريات، وتأثّر بالإعلانات التجارية وبفنانين وعادات تربّينا عليها، وهو ما ولّد مقاربة كنا نُجريها لاشعورياً بين جيلنا وجيل أولادنا، فنحن مررنا بمراحل مختلفة وعشنا القديم والحديث وتقبلناه، فيما أن أولادنا يجهلون قصصاً كثيرة تعني لنا الكثير. فالإعلامي زافين ذكر لي أنه في إحدى المرات وزّع على طلابه الجامعيين صحفاً من ورق، فلم يعرفوا كيف يمسكونها ولا كيف يقرأونها، وراحوا يستخدمون (الموبايل) لتكبير حجم الكلام المكتوب فيها، فهو جيل تكنولوجي بامتياز يختلف عنا بشكل كبير».
عن الشخصيات التي لفتتها في حواراتها تتحدث نتالي نعوم عن المذيعة التلفزيونية السابقة ماريان خلّاط: «إنها متصالحة بشكل ملحوظ مع عمرها وشكلها الخارجي ونمط حياتها الجديد، لا تزال تملك حماس البارحة نفسه، تبدي سعادتها بشكلها الخارجي اليوم وبالمضمون الذي خزّنته طوال السنوات الخمسين، وقد اعترفت لي بأنها بعد بلوغها الـ50 لاحظت أموراً كثيرة تصيبها بالتوتر، فاضطرت إلى أن تأخذها من منظار مختلف، وصارت تتعامل مع أي أمر وموقف بأسلوب أكثر نضجاً».