في ذاكرة التيّار الوطني الحرّ، لا يمرّ ٧ آب مرور الكرام لأنّه ليس مجرّد تاريخ بل لحظة مفصليّة كُتبت فيها تضحيات الشّباب بالدّموع والدّمّ في مواجهة آلة قمع لا تعرف سوى الاعتقال والتّرهيب ومحاولة كمّ الأفواه وخنق الحقيقة.
في مثل هذا اليوم من العام ٢٠٠١، لم يكن النّزول إلى الشّارع فعلاً عابرًا، أو محاولة لزعزعة الأمن، لكنّه كان قرارًا ذاتيًّا عقليًّا وقلبيًّا وفعل تمرّد على خيانة الوطن بالمواجهة والنّضال في زمن كانت فيه الحقيقة تهمة، والانتماء للحقّ جريمة ورفع الصّوت خيانة.
نزل شباب التيّار الوطني الحرّ في ذلك اليوم ليصرخوا بالحقيقة ولينادوا بالحقّ وليستعيدوا الأرض والعرض، فاستقبلهم النّظام الأمني بالهراوات والضّرب والاعتقالات والسّجون والتواقيع الّتي رفضها الكثيرون رفضهم للخنوع.
مئات الشبان ضُربوا وأُهينوا واقتيدوا إلى السّجون فقط، لأنّهم طالبوا بوطن حين كان الكثيرون مرتهنين للخارج.
لكنّ ٧ آب منذ ٢٤ سنة لم يكن نهاية إنّما بداية مسار طويل من النّضال. هذا الفعل كان بذرة المقاومة السّلميّة الّتي سبقت الاستقلال الثّاني، ومهّدت لتحرّر الإرادة الوطنيّة من الوصاية.
صحيح أنّ هذا النّظام الغاصب الّذي واجهوه يومها ارتحل بأدواته الخارجيّة لكنّ فلوله الدّاخليّة استمرّت مع تغيّر جلدها.
فنحن اليوم أمام نظام جائر، تُفتح معه الملفّات المعلّبة، وتُشنّ الحملات الإعلاميّة المُضلّلة، ويُستخدم القضاء أحيانًا أداةً سياسيّة في محاولة لإسكات من لا يزالون يرفعون الصّوت نصرّا للحقيقة.
القمع تغيّر شكله اليوم لكنّ التيّار لم يتغيّر موقفه ولا دفاعاته ولا وقفاته في وجه الظّلم والظّالمين. التيّار لا يزال حتّى اليوم في الصّفوف الأولى: لا يساوم على الحقّ، ولا يتراجع أمام الضّغط، ولا يخضع لمعادلات التّرهيب أو التّرغيب. هو تيّار من شعب ومن رحم معاناة هذا الشّعب يستمدّ صلابته وإيمانه بأنّ لا عدالة إلّا بكشف الحقيقة، ولا إصلاح إلا بمحاسبة الظّالم والسّارق، ولا دولة إلّا إذا كانت حرّة.
٧ آب سيبقى في ذاكرة لبنان راية مرفوعة بيد التيّار. سيبقى شهادة بأنّ هناك من واجه، ومن لا يزال يواجه، مهما تبدّلت أدوات الظّلم أو تقنّعت. ولا بدّ للظّلم أن يتكسّر عند أقدامنا.