جاء في "الأخبار":
فجأة، وجدَ لبنان نفسه غارقاً في تداعيات المستنقع السوري، وجاءت أحداث السويداء الدامية لتشي بمَخاطر تهشيم ما تبقّى من الاستقرار الداخلي.
وبدت الساحة في ذروة الاستنفار لملاقاة ما يمكن أن ينجم عن التطورات المشتعلة، خصوصاً أن الطابع الطائفي يطغى عليها، وهو ما يجعل من لبنان الأرض الأكثر خصوبة لاستقطاب الحدث.
من هنا، يمكن تفسير ملامح القلق البادية على القوى السياسية بشكل عام، والقيادات الدرزية بشكل خاص من خطوط تماس لبنانية - لبنانية ولبنانية -سورية، ولا سيما بعد التوترات النقّالة في المناطق ذات الغالبية الدرزية وفي طرابلس (ذات الغالبية السنّية). وعليه تواصلت الاتصالات واللقاءات، وعلمت «الأخبار» أن مبادرة ينوي القيام بها الرؤساء تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة تجاه رئيس الحزب الاشتراكي الأسبق وليد جنبلاط للوقوف عند خاطره، والعمل على نزع أي فتيل فتنوي.
وفي أعقاب اجتماع استثنائيّ للهيئة العامّة للمجلس المذهبيّ لطائفة الموحّدين الدروز، اعتبر جنبلاط أنّ ما تشهده سوريا يستدعي العودة إلى العقل قبل الانفعال، مشدّداً على أن أبناء الطائفة هم مذهب العقل والحكمة، وأنّ الدخول في الإدانات لا يفيد في ظل تعدد الجهات والأسباب.
وفي مقترح لتجاوز الأزمة، دعا جنبلاط إلى وقف فوري لإطلاق النار في السويداء تمهيداً لحوار مباشر بين الدولة السورية والفاعليات المحلية، مؤكّداً أن جبل العرب هو جزء لا يتجزأ من سوريا. كما شدّد على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولبنان، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق لكشف الجرائم الّتي ارتُكبت بحقّ أبناء السويداء والبدو. ورفض الحملات التحريضيّة في لبنان والخارج، منتقداً الدعوات إلى قطع الطرقات، متسائلاً: «نقطع الطرقات على من؟ على أنفسنا»؟
من جهته، حمّل شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز في لبنان سامي أبي المنى، الدولة السّوريّة المسؤولية الأساسيّة عما يجري في السّويداء، مستغرباً المفارقة بين مشاهد إطلاق الهوية البصريّة للدولة الفتية في دمشق، ومشاهد العنف والاعتداءات على الشيوخ والأطفال في جبل العرب. وقال أبي المنى: «نستنكر وندين مشاهد الإجرام المتبادلة والانتهاكات التي حدثت في السويداء، ونعلن تضامننا الأخوي والإنساني مع أهلنا هناك ومع جميع الأبرياء الذين تضرّروا بنيران المواجهات»، مُشدّداً في الوقت نفسه على أنّ الدولة السّوريّة الّتي وقفنا معها منذ البداية، تتحمّل اليوم مسؤولية هذا الانفلات الأمني الخطير الذي وصلت إليه الأمور.
ورغم أن ما يحصل في السويداء خطف الأنظار عن زيارة توماس برّاك الذي يصل منتصف الأسبوع المقبل، إلى بيروت التي تحاذر صوغ موقف يظهرها رافضة لمقترح الموفد الأميركي، لكنها في الوقت ذاته لا يمكنها السير به كما هو، علمت «الأخبار» أن اللجنة المكلّفة بصياغة الرد تواصل عملها وهي ستركّز وتشدّد على وجوب استحصال لبنان على ضمانات، الآن أكثر من أي وقت مضى، وسط الخشية المتعاظمة من مخططات إسرائيل في سوريا وما ستُلحِقه بلبنان، خصوصاً أن المنطقةَ العازلة التي تحاول فرضها في سوريا ستكون لها نسختها اللبنانية في الجنوب والبقاع.
وقد كان هذا الجو هو محور الحديث في لقاء جمع رئيس الجمهورية جوزف عون برئيس مجلس النواب نبيه بري في بعبدا في إطار اللقاءات الدورية بين الرئيسيْن، وقد تناول البحث الأوضاع العامة في البلاد من مختلف وجوهها، والتطوّرات الإقليمية الراهنة.