الديار: كمال ذبيان-
في الوقت الذي كان التركيز على تطور العلاقات اللبنانية – السورية، بعد سقوط النظام السابق، وتربط الدولتين معاهدة اخوة وتعاون وتنسيق موقعة في أيار 1991، ظهر موضوع الموقوفين السوريين في لبنان، من خارج ما يعمل الطرفان على معالجته، ويتعلق بترسيم الحدود وضبطها وعودة النازحين السوريين الى بلادهم، والذين يشكلون ازمة فعلية للبنان اقتصاديا وماليا واجتماعيا وأمنيا وديموغرافيا، وبلغ عددهم نحو اكثر من مليوني مواطن سوري، بات الوضع الامني يسمح بعودتهم بعد سقوط النظام السابق، وانتفاء سبب نزوحهم الى لبنان، الا الاقتصادي منه.
والموقوفون السوريون في لبنان يقدر عددهم بنحو 2100 صدرت احكام على 350 منهم، وبقي 1750 ينتظرون المحاكمة، واكتظت السجون اللبنانية بهم، ولم تعد تتسع الى المزيد، ومن مصلحة لبنان تسليمهم الى سورية، لكن القانون اللبناني يفرض محاكمتهم على الأرض اللبنانية، وفق مصدر قانوني، اشار الى ان بين لبنان وسورية اتفاقية قضائية موقعة في 25 شباط 1951، واقرت بقانون في 25 تشرين الاول 1951، وادخلت عليها تعديلات في 26 أيلول 1996 في حكومة الرئيس رفيق الحريري، ووقعها عن الجانب اللبناني وزير العدل بهيج طبارة وعن الجانب السوري وزير العدل حسين حسون.
وفي العام 2010 تقدم وزير العدل ابراهيم نجار في حكومة الرئيس سعد الحريري بمشروع لاتفاقية قضائية بعد ادخال تعديلات على الاتفاقيتين السابقتين، ونصت على تبادل المحكومين بين الدولتين، لكن الاتفاقية لم تبرم، وحصلت الاحداث في سورية وجمدت، وجرى بعدها زيارة وزير الخارجية السابق عبدالله بو حبيب الى سورية، وحصل التفاهم على مذكرة، يتقدم لبنان بها حول القضايا العالقة، ومنها الموقوفون، لكن هذا لم يحصل، بسبب الشغور في رئاسة الجمهورية في لبنان وتصريف الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي للأعمال الضيقة.
فموضوع الموقوفين السوريين الذي اثير في خبر اذاعة "تلفزيون سوريا" المقرب من النظام السوري الحالي، خلق بلبلة، وطرح أسئلة حول التوقيت والاهداف، وتم ربط الافراج عن الموقوفين بتهديد سوري يشمل اغلاق الحدود، وهو تدبير لجأت اليه كل الانظمة في سورية ضد لبنان، ومنع عبور صادراته من اراضيها الى دول أخرى. وقطع الاتصال بين الطرفين وحصلت ازمة ديبلوماسية، وهذا ما سرّع التحرك اللبناني الرسمي لمعرفة حقيقة ما يجري، فنفت المراجع السورية الرسمية ما تم تداوله، لا سيما من وزارة الاعلام التي ذكّرت بضرورة معالجة موضوع الموقوفين، ومنهم من شاركوا في معارك ضد الجيش اللبناني في عرسال ومناطق اخرى، وسقط منه شهداء وجرحى، اضافة الى افراد ينتمون الى تنظيمات ارهابية قامت بجرائم ضد اللبنانيين.
فملف الموقوفين السوريين الذي قفز الى الواجهة، تحرك وسطاء بين لبنان وسورية لحل هذا الاشكال الطارىء، كما حصل في الاشهر الاولى من وصول "هيئة تحرير الشام" الى السلطة في سورية، وحصول اشتباكات داخل قرى لبنانية في الهرمل والبقاع الشمالي، والدخول الى البلدات والقرى اللبنانية وحصول اعمال قتل وخطف وتهجير، فتدخلت السعودية واتصلت بالطرفين وأمنت لقاء في جدة بتوجيه من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورعاه شقيقه وزير الدفاع خالد بن سلمان، وحضره وزير الدفاع اللبناني اللواء ميشال منسى، ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصره، ومسؤولون عسكريون وأمنيون من الطرفين اللذين اتفقا على ضبط الحدود وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة لمعالجة القضايا العالقة. واتفق الطرفان على عقد اجتماع ثان، لكن ومنذ 25 أيار الماضي، لم يحصل الاجتماع الذي ترى مصادر سياسية انه بات من الضروري عقده بعد المطالبة باطلاق سراح الموقوفين السوريين، وقد تبادر الرياض الى دعوة لبنان وسورية للبحث في هذا الموضوع وغيره، وتفعيل لجنة التنسيق الامنية والعسكرية بين الدولتين.
فما يحكم موضوع الموقوفين السوريين في لبنان، وكذلك مسألة الموقوفين في السجون السورية التابعة للنظام السابق والحالي، الاتفاق القضائي الموقع بين البلدين والتعديلات في العام 1951. وهو ما زال نافذ المفعول مع تعديل عام 1996، وفق مصدر قانوني، الذي لا يرى صيغة أخرى، يعمل بها، في هذه المرحلة، لا سيما بعد تغيير النظام في سورية، لأن التهديد باجراءات ضد لبنان يدخل العلاقات مع سورية في توترات حدودية، وبدأت تظهر مع تحرك لأهالي الموقوفين السوريين الذين قطعوا المعابر.
وتأتي هذه التطورات مع ما يتم تناقله عن حشود عسكرية لجماعات مسلحة على الحدود مكونة من شيشان وأوزبكستان والغور، وهؤلاء قد يعبرون الحدود في أي وقت، وسيواجههم الجيش اللبناني.