HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

عين المصارف على الذهب

9
JULY
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

ماهر سلامة -

قبل مدة، نشر قسم الأبحاث في «بلوم إنفست بنك» تقريراً عن دراسة أعدّتها مجموعة اقتصاديين تقترح بيع جزء من ذهب الدولة لتسديد الودائع.

فالمصارف تحاول منذ ست سنوات نفي مسؤوليتها عن الخسائر التي تكبّدتها بالتعاون والتنسيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وإلقائها على عاتق الدولة حتى تتجنّب ضخّ رساميل جديدة. وهذا الأمر يخدم المصارف الأكبر، تحديداً التي تقول إن لديها قدرات مالية لتسديد الـ100 ألف دولار للمودعين إذا أتيحت لها فرصة التملّص من زيادة الرساميل.

جاء تقرير «بلوم» بعنوان «المحافظة على الودائع كشرط مبدئي للتعافي الاقتصادي بنزاهة»، وهو ملخّص عن ورقة أعدتها جمعية الاقتصاد اللبناني (LEA) بالتعاون مع «إكزكيوتيف ماغازين» و«اتحاد المصارف العربية» و«100% Liban». وعرض التقرير يعني أن المصرف يتبنّاه، إذ إنه لم يقدّم أي قراءة له تنتقد هذا الاقتراح، بل تعامل معه كأنه اقتراح منه. فالاقتراح مبني على مقارنة مع دول لديها نسب من احتياط الذهب تُراوح بين 10% و20% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد بلغت قيمة احتياط الذهب في لبنان نحو 28 مليار دولار حتى نهاية آذار 2025، أي ما تفوق نسبته إلى الناتج 100%.

ويشير معدّو التقرير إلى أنه يكفي الاحتفاظ بنحو 7 مليارات دولار فقط من الذهب والنقد الأجنبي لدى مصرف لبنان، على أن يجري تسييل الباقي لتسديد جزء من الودائع، علماً أن الدولة اللبنانية ومصرف لبنان لم يقوما بشراء غرام واحد من الذهب في العقود الثلاثة الأخيرة التي كانوا فيها يراكمون الخسائر ويضعونها «تحت السجادة»، ما يعني أن الذهب الذي سيتم تسييله غير قابل للتعويض، خصوصاً في وضع مصرف لبنان الحالي وفي المستقبل القريب.

ويأتي هذا الاقتراح فيما تعمد المصارف المركزية حول العالم إلى شراء الذهب وتخزينه. وهذه أحد التحولات البارزة التي تظهر على ملامح النظام النقدي العالمي. لذا، يبدو أنه ليس منطقياً أن تسعى الدولة ومصرف لبنان إلى القيام بخطوات معاكسة للتيار القائم في العالم النقدي اليوم. إذ إنه مع ارتفاع أسعار الذهب في المدة الأخيرة، عاد الذهب ليكون أحد أنواع الاحتياطات الجذابة للمصارف المركزية.

ومن أبرز الأفكار الواردة في التقرير أيضاً، تلك المتعلقة بـ«خطة استعادة الودائع» التي تقترح «تسوية جزء من ودائع الليرة والعملات الأجنبية من عوائد تحرير الاحتياطي الإلزامي وبيع جزء كبير من احتياطات الذهب، مع إتاحة الودائع الرقمية عبر بطاقات الائتمان والمحافظ الإلكترونية، ثم توقيع عقود ادخارية مدة سنة إلى أربع سنوات قابلة للتمديد وفقاً لسيولة كل بنك، وتحت إشراف مصرف لبنان والقطاع المصرفي».

إضافة إلى ذلك، تقترح الورقة ما يمكن اعتباره استعادة لأفكار وطموحات حاكم المصرف المركزي الأسبق رياض سلامة، لناحية الاقتصاد الرقمي والودائع الرقمية كجزء من حلّ الأزمة، علماً أن الاقتصاد الرقمي، بمعزل عن الحاجة إليه في لبنان، لا يمكن اعتباره علاجاً للأزمة بمقدار ما هو توجّهات لبناء اقتصاد إذا اتفق على رؤية واحدة للاقتصاد لبنان المستقبلي. والتعامل مع الخسائر باعتبارها ودائع رقمية، قد يترك انطباعاً بأنها ستتحوّل إلى سيولة فعلية، بينما الواقع أن لبنان يعيش على الاستيراد وأن لديه حاجة ضخمة إلى العملات الطازجة لتمويل كمّ كبير من واردات السلع، لذا لا يمكن اعتبار العملات الرقمية مساهمة في معالجة الخسائر بمقدار ما هي تأجيل للاستحقاقها لسنوات.

ويرى التقرير أنه بالنسبة إلى تحرير سعر الصرف في سوق موحّد وحرّ، سيمكّن الدولة من سداد ودائع العملة الصعبة بالليرة وفقاً لسعر السوق، ويُدخل المصارف مجدداً إلى سوق الصرف لتحريك السيولة وامتصاص التلاعب. لكن هذه الوصفة تفتقد إلى خطوات اقتصادية وقانونية، خصوصاً إصدار قانون ضوابط رأس المال الذي أخفق البرلمان في إقراره سابقاً بعبارات بسيطة لم تحظَ بالتطبيق. وبغيابها، تبقى مخاطر أن تتعرض أموال المودعين للانجراف في دائرة المضاربات. فهل من الممكن أن تعود الثقة إلى القطاع المصرفي بخطوات من هذا النوع فقط؟ وإلى أي مدى يمكن للاقتصاد أن يتحمّل ضخّ الليرات في السوق؟

ومن النقاط التي يتحدث عنها التقرير، دعوته إلى إنشاء صندوق استرداد ودائع مستقل، تتم تغذيته بنسب من إيرادات المؤسسات الحكومية وشركات القطاع العام، إضافة إلى مساهمة مستقبلية من إيرادات النفط والغاز. فهذه المقترحات تأتي أيضاً في سياق تحميل الدولة جزءاً كبيراً من الخسائر، علماً أن تحميل الدولة يعني تحميل الشعب هذه الخسائر.

ويتذرّع كاتبو التقرير بأن الشعب استفاد من «تثبيت سعر الصرف على حساب المودعين» في سنوات الرخاء، لتبرير أنه يجب أن يتحمّل الخسائر لتغطية حقوق هؤلاء المودعين. لكن في الواقع هذه المقاربة ليست دقيقة، فالطبقة الغنية استفادت من تثبيت سعر الصرف أكثر بكثير من الطبقات الفقيرة، فكيف نميّز بين من استفاد أكثر من الآخر عندما نمنع عنهم إيرادات الدولة؟

اللافت أن التقرير لا يتحدث عن تحمّل المصارف للخسائر بشكل مباشر، بل يعتمد خطاباً محايداً، ويكتفي بتقديم حلول جزئية وتدريجية على حساب الموارد العامة (الذهب، الخزينة، الليرة، الوقت)، في مقابل مساهمة ضئيلة للمصارف نفسها. لا تجد في الورقة أي بند واضح يحمّل المصارف المسؤولية المالية الكاملة. ولا نرى في الخطاب الموجود في التقرير ما يدعو إلى إجراءات مثل تسييل أصول المصارف العقارية، أو حاجتها إلى إعادة الرسملة، أو ضرائب استثنائية على الأرباح القديمة أو محاسبة مجالس إداراتها. وهو ما يعزّز فكرة أن هذه الورقة، رغم حديثها عن «استعادة الودائع»، تُخاطب بالدرجة الأولى أصحاب المصارف وليس المودعين الصغار.

 

الأخبار
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING