الديار: جهاد نافع-
في الظاهر، احتفال بالسنة الهجرية الجديدة، وهي مناسبة اعتادت "جمعية المشاريع الاسلامية الخيرية" الاحتفال بها كل عام هجري جديد، وتكريم لصحافيي الشمال بهذه المناسبة. اما في المضمون، فهي مناسبة يحسن " المشاريعيون" او كما يعرف عنهم " الاحباش" نسبة الى شيخهم المؤسس الراحل عبد الله الحبشي الهرري، استغلالها لتظهير حجهم ودقة تنظيمهم، ليس كجمعية وحسب، وانما كتنظيم مؤسساتي متين تأسس في العام 1983 في بيروت، وانشأ له فروعا في كل محافظات لبنان، والدول العربية والاجنبية، ويعتبر فرع طرابلس من اهم الفروع التي تأسست وسط البيئة السنية الطرابلسية والشمالية عامة المنفتحة غير المتطرفة.
المناسبة، فرصة ذات ابعاد واتجاهات متعددة، وقد توسع مدير الفرع في الشمال النائب الدكتور طه ناجي في شرح هذه الابعاد والاتجاهات الفكرية والدينية لـ "الاحباش"( المشاريعيون)، وهم بالفعل اصحاب مشاريع، بحسب متابعين لحركة "الاحباش" ، فليست غايتها البعد الديني السني وحسب، وانما البعد السياسي المتطلع الى موقع سياسي متقدم في البيئة السنية عموما، ومن طرابلس منطلقا في لحظة تراجع "تيار المستقبل"، وفي مواجهة حركات دينية سنية توصف بالغلو الديني، وهو غلو منفر لبيئات سنية وسطية معتدلة من جهة، وبيئات الطوائف الاخرى التي تخشى التطرف والتكفير.
النائب طه ناجي قدم عرضا للمؤسسات التربوية التي انشأتها الجمعية في كافة المناطق، مركزا على الصروح التربوية في طرابلس والشمال، ليعلن صراحة ان عدد طلاب هذه المؤسسات التربوية بلغ 5700 طالب وطالبة، لافتا الى ان هذا العدد يؤشر الى تنامي نهج المشاريع الديني السني، حيث من المؤكد انه يستحيل ان ينتمي الى مدارس "المشاريع" اخصام المنهجية السنية المعروفة لدى "الاحباش".
هذا يعني، يقول المتابعون لحركة الجمعية، تنامي حجمها الشعبي في البيئة السنية الاكبر في الشمال ولبنان، في مواجهة حركات دينية سنية تصنف خصما لدودا لـ "الاحباش"، كـ "الجماعة الاسلامية" واتباع "المنهج الوهابي والسلفي"، الذين دأبهم تكفير "الاحباش"، بل الى حد وصفهم بابشع الاوصاف والنعوت، والتحذير من التعامل معهم.
لم يكن فوز طه ناجي في الانتخابات النيابية العام 2022، الا مثالا عن قاعدة "الاحباش" المتنامية، لتأتي الانتخابات البلدية مؤخرا وتثبت هذا الحجم في مواجهة "الجماعة الاسلامية"، التي تأسست في طرابلس بتاريخ يعود الى سنوات عديدة قبل "الاحباش"، ووصلت الى مرحلة لم تستطع فيه التمدد ، بينما واصل "الاحباش" تمددهم وسط عائلات طرابلسية. ورغم المواجهة الشديدة مع الحركات السلفية التي لا تتوقف عن اصدار بيانات وشروحات، تكفر فيها اتباع الشيخ عبد الله الحبشي .
يجهد "الاحباش" لتلميع صورتهم، وازالة ما علق في اذهان الكثير من اخبار وما يعتبرونه فبركات وتلفيقات.. وفهم - حسب شرح قياداتهم - على المذهب الأشعري، وكتبهم هي كتب الائمة الاربعة التي يتبعهم غالبية المسلمين السنة في العالم كله، وكتبهم هي الكتب والمرجعيات الصادرة عن الازهر الشريف، الذي يعود تأسيسه الى الف عام.
انهم معتدلون وسطيون، بحسب قياداتهم، يرفضون التطرف والتشدد في الدين ، لان التطرف ليس من الاسلام، ومنفتحون على جميع الطوائف والمذاهب، وليسوا ميليشيا او تكفيريين، ومؤسسهم الشيخ عبد الله الحبشي درس مذاهب الحنابلة والحنفية والاشعرية والمالكية، ولذلك تلقى الجمعية اقبالا في اوساط السنة المتعطشين الى الاسلام الحقيقي، المعروف بالوسطية والاعتدال.
من بين الاتهامات التي تطال "الاحباش" ان الجمعية تتلقى اموالا مشبوهة من الخارج، غير ان قيادات حبشية توضح ان التمويل هو تشاركي بين ابناء "الاحباش"، بتطبيق لمبدأ الاسلام في التعاون والمساندة والتشارك في اي عمل انشائي.
تمكن "الاحباش" من خط نهج سياسي معتدل منفتح على الجميع، واستطاعوا ان يحتلوا موقعا في المعادلة السنية في بيروت وفي طرابلس، وهذا دلالة بحسب المتابعين لحركتهم، على تعطش الشارع السني الى قيادة سنية معتدلة غير متطرفة، وغير منحازة الى هذا الفريق او ذاك. في وقت تصب في اتجاههم اتهامات لا تزال عالقة في اذهان البعض، مما يوظفون هذه الاتهامات للحد من تمددهم، وهي علاقتهم بالنظام السوري السابق على مدى سنوات طويلة منذ عهد الاسد الاب الى عهد الاسد الابن.. غير انها اتهامات لا تنحصر بـ "الاحباش"، يقول قياديوها، فقد كان عليها عدد من الحركات الدينية السنية ومنها "الجماعة الاسلامية" في مراحل متعددة.