HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

من الضربة إلى الرد: حسابات التصعيد تُحاصر لبنان!

14
JUNE
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

أنطوان الأسمر-

يدخل لبنان مرحلة غير مسبوقة من التوتر الإقليمي السياسي والأمني، بعد الضربة القاسية التي وجّهتها إسرائيل لإيران، في تطور ميداني ينذر بتحول نوعي في المواجهة الإقليمية.
تؤشر الضربة، التي جاءت بعد أشهر من التوتر المتصاعد بين الطرفين، ووسط احتدام الساحات الممتدة من غزة إلى اليمن مرورًا بلبنان وسوريا، إلى نهاية مرحلة المراوحة وبدء لعبة على حافة الحرب الشاملة.
بالنسبة للبنان، الغارق في أزماته السياسية والاقتصادية منذ سنوات، فإن هذه الضربة لا تأتي في الفراغ، بل تندرج ضمن سياق متكامل من الضغوط والتحديات. فإسرائيل، التي كثّفت في الأسابيع الأخيرة ضرباتها ضد مواقع لحزب الله حتى تخوم بيروت، ترفع منسوب التصعيد، مما يجعل من الأراضي اللبنانية واحدة من أبرز ساحات الاشتباك غير المباشر والمباشر بين طهران وتل أبيب.
تاريخيًا، كان لبنان باستمرار ساحة انعكاس للتجاذبات الإقليمية، لكنه اليوم يبدو أقرب إلى الرهينة منها إلى اللاعب. فغياب القرار السيادي الموحد، وشلل مؤسسات الدولة، وتفتت الموقف الداخلي حيال تموضع لبنان في الصراع، كلها عوامل تضع البلد في خانة المتلقّي لا الفاعل. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، وارتفاع نسبة الفقر وانهيار البنى الأساسية، فإن أي انفجار إقليمي سيكون له وقع مضاعف على الداخل.
يُسقط الحدث الإسرائيلي – الإيراني، الذي يتوقع أن تكون له ارتدادات إقليمية واسعة، الهامش القائم بين التصعيد السياسي والعسكري. فمع استهداف منشآت إيرانية داخلية، لم يعد الصراع محصورًا في ساحات الوكالة، بل اقترب من قلب إيران، مما يضع طهران أمام لحظة مفصلية: إما الرد، وتحمل تبعات مواجهة مفتوحة، أو التريّث وإدارة الموقف عبر قنوات ديبلوماسية باتت هي الأخرى مهددة بالانهيار.
في هذا السياق، كانت الأنظار تتجه إلى العاصمة العُمانية مسقط، حيث كان من المقرر أن تُعقد الجولة السادسة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن غدا الأحد. الحوار، الذي يُنظر إليه كمحاولة لوقف الانزلاق نحو الحرب، بات مهددًا في جوهره. الضربة الإسرائيلية تنسف التوقيت وتضع الجانبين أمام معادلة جديدة: فهل يُستكمل الحوار ضمن قواعد اشتباك متغيّرة؟ أم يُعاد النظر به برمّته في ضوء المعطيات الميدانية الجديدة؟
من الناحية السياسية، يُشكّل الحوار آخر نافذة متاحة أمام القوى الكبرى لإعادة الإمساك بخيوط اللعبة. يدرك الأميركيون، الذين يرفضون حتى الآن الانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران، أن استمرار التصعيد قد يجرهم إلى ساحة لا يرغبون بالدخول إليها، خصوصًا في سنة انتخابية داخلية حساسة. أما إيران، فتقف أمام اختبار الردع والهيبة، في ظل ضغوط شعبية واقتصادية داخلية لا تُحتمل، وتراجع في قدرة حلفائها الإقليميين على المبادرة.
أما لبنان، فهو أشبه بمؤشّر حساس على اتجاهات هذا الصراع. فإذا نجحت قنوات التفاوض في إعادة فرض قواعد تهدئة جديدة، قد نشهد خفضًا للتوتر، وعودة إلى نوع من التعايش الموقت بين حزب الله وإسرائيل، بضمانات دولية وإقليمية. أما إذا فشل الحوار الأميركي- الإيراني، أو تدحرحت المواجهة العسكرية القائمة، فسيكون لبنان في طليعة الساحات التي ستتلقى الصدمة الأولى.
واقع الحال أن هشاشة الدولة لا تسمح بتكرار سيناريوات المواجهة المفتوحة. فالمجتمع اللبناني المنهك اقتصاديا واجتماعيا، والمنقسم سياسيا، لم يعد يملك ترف تحمّل مغامرات إقليمية، حتى لو كان عاجزًا عن منعها. وهذا ما يضاعف الحاجة إلى موقف داخلي موحّد يحاول قدر الإمكان تحييد البلاد عن الانفجار الكبير، أو على الأقل احتواء تداعياته.
في المحصلة، تبدو المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية بمثابة نقطة تحوّل في المشهد الإقليمي، لا سيما إذا تكررت أو تلتها ردود نوعية. ولبنان، كما في كل مرة، ليس بعيدًا عن خطوط النار، بل في صلبها. وبين لعبة الأمم التي لا ترحم، وواقع داخلي عاجز، يعيش اللبنانيون على حافة الخوف والانتظار. انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات، أو التصعيد، أو الاثنين معا.
فهل تنجح مسقط في تجنيب المنطقة الانفجار؟ أم أن الضربة فتحت الباب على مرحلة جديدة يصعب احتواؤها؟ الإجابة ستحملها الأيام القليلة المقبلة، لكن الثابت أن لبنان - كالعادة - سيدفع ثمنًا أكبر من قدرته على الاحتمال.

MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING